لم يحفظه أحد. فقال: إنه كان همنا وسدمنا. والبيت يحتمل الوجوه الثلاثة فيه. والملوى رأسه يجوز أن يكون مثل قول الآخر:.......... غارزاً رأسه في سنة...........
والمراد: كأنه ملكه التحير فهو يلوى رأسه. وتلويه الرأس كما يكون من الفكر والتحير فقد يكون من الكبر والتبجير، وقلة الاحتفال بالمحتضر كقوله تعالى: " فسينغصون إليك رءوسهم ويقولون متى هو ". فالنغص كالتلوية وإن كان النغص أقرب إلى الحقيقة.
وقولها ليقود من أخل الحجاز بريماً، فأصل خيط يفتل من قوى بيض وسود. ويقال: قطيع بريم، إذا كان خلطان ضأن ومعزى. وقال الدريدي: كل لونين اجتمعا مثل السواد والبياض فهو البريم، وإنما يتخذون البريم من الخيوط ليشد في أحقى الصبيان فيدفع به العين. والمراد به هنا جيش متفاوتون أدنياء، كالبريم وهو الخيط المبرم من عدة ألوان. والقصد فيما ذكرته إلى الإنكار على المخاطب فيما يأتيه، وتوبيخه فيما حدث به نفسه من قود جيش إلى عمروبن الخليع، كما وصفته.
أتريد عمرو بن الخليع ودونه ... كعب إذا لوجدته مرءوما
إن الخليع ورهطه في عامر ... كالقلب ألبس جؤجؤا وحزيما
تقول مقرعة ومقبحة لما أنكرته من مخاطبها وموبخة: أتقد بما هممت به من جمع الجموع الحجازية عمرو بن الخليع وحوله بنو كعب، إذا لوجدته معطوفاً عليه، محروساً منك ومن لفيفك. أما علمت أن الخليع وعشيرته من بني عامر بمكان القلب من النفس، قد التف به الصدر والحزيم، وحماه الحشا والجوف.
والحزيم والمحزم: موضع الحزام من الصدر. يقال للرجل إذا أريد تشمره: شد حزيمك للأمر، وحيازيمك وحيزومك. والحيزوم: وسط الصدر. والمعنى: أن مكانه من الحي مكين، ومحله من جانب المنع منه والدفاع دونه عزيز مصون. ويقال: رأمته رأماً ورئماناً. والمعنى: كيف يقع في نفسك نزاعهم، أو يتصور في وهمك غلبهم.