وقال قيس بن عاصم

إني امرؤ لا يعتري خلقي ... دنس يفنده ولا أفن

من منقر في بيت مكرمة ... والفرع ينبت حوبه الغصن

خطباء حين يقوم قائلهم ... بيض الوجوه مصاقع لسن

لا يفطنون لعيب جارهم ... وهم لحفظ جواره فطن

قوله يفنده أي يفحشه، والفند: الفحش. ويقال: أفند الرجل، إذا أتى بالفحش. والأفن أصله في استخراج اللبن من الضرع حتى يخلو منه، ثم قيل: أفن الرجل فهو مأفون، إذا زال عقله. والمعنى: إني رجل لا يتسلط على خلقي ما يدنسه ويفحسه من تغير وتبدل، وتسرع إلى الشر وتلون، وزوال عن السنن المعهود، وذهاب في طريق المأفول المعتوه، ولكنني أبقى على حالة واحدة محمودة، لا أحول ولا أزول. ثم أنني من بني منقر في بيت من الكرم قد فرعته، والفرع من شأنه أن يلتف بأغصانه النابتة حوله. وهذا مثل ضربه للمحتفين به من أقاربه، والآخذين إخذه في طبائعه ومذاهبه. قم وصفهم فقال: هم خطباء إذا قام قائلهم يبين عن نفسه وعن عشيرته، كرام لا يسود وجوههم عار في الأصل، ولا شين مكتسب على وجه الدهر. المصاقع: جمع مصقع، وأصل الصقع الضرب، وكما وصف به اللسان وصف بالسق والصلق فقيل: خطيب مصقع مصلق مسلق سلاق. وفي القرآن: " سلقوكم بألسنة حداد ". واللسن: جمع اللسن. ويقال: لسن يلسن لسناص، إذا تناهى في البلاغة والفصاحة. ويقال لسنت فلاناً، إذا ضايقته فيما يجاذبه من الكلام. على هذا قوله:

وإذا تلسننس ألسنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015