وقال رويشد بن كثيرٍ الطائي

يأيها الراكب المزجي مطيته ... سائل بني أسدٍ ما هذه الصوت

المطية من المطا، وهو الظهر. ويقال مطاه وامتطاه، إذا ركبه. وللحوق الهاء به صار اسماً، وقد مر مثله. ويروى: بلغ بني أسدٍ. وقوله: ما هذه الصوت الجملة في موضع المفعول، وارتفع الصوت على أنه عطف البيان. يخاطب الراكب السائق لمطيته بإعجالٍ، يسأله أن يبلغ بني أسدٍ عنه عن طريق الفحص والاستعلام: ما هذه الجلبة. وهذا الكلام تهكمٌ وسخرية، لأنه هو الذي أثار عليهم ما اهتاجوا له، وجلب عليهم ما أشكاهم. وإنما قال ما هذه الصوت، والصوت مذكر، لأنه قصد به إلى الصيحة والجلبة. وهذا كما قال حاتمٌ:

أماوي قد طال التجنب والهجر ... وقد عذرتني في طلابكم العذر

يريد المعذرة. وكما قال الآخر:

وكان مجني دون من كنت أتقي ... ثلاث شخوصٍ كاعبان ومعصر

فأنث الشخوص لأنه قصد بها إلى النفوس. وحكي عن أبي عمرو ابن العلاء أنه سمع بعضهم يقول: جاءنه كتابي فاحتقرها. قال أبو عمرو: فقلت: أتقول جاءته كتابي؟ قال: نعم، أليست هي صحيفة؟ وقد قيل: لما كانت الشخوص شخوص النساء أنث العدد. وقوله: الراكب المزجي الراكب يقع على راكب البعير خاصةً؛ لأن راكب الخيل يقال له فارس. والمزجي، يقال زجا الشيء يزجو زجواً وزجاءً، وأزجيته أنا وزجيته، إذا استحثثته. ومنه زجاء الخراج. وفي هذا الكلام دلالةٌ على أنه ليس يقنعه ما أوقعهم فيه. ألا ترى أنه يتوعد بالاستئصال إن لم يصح عذرهم. ويجوز أن يكون المراد بقوله ما هذه الصوت مالذي يتأدى إلي عنكم، ويتحدث به الناس من شانكم وقصتكم. ويقال: ذهب صوت هذا الأمر في الناس للتحدث به، وذهب صيت بني فلانٍ في الناس إذا ذكروا بالخير. فكأنه على هذا يوهمهم أنه لم يصح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015