وقال آخر:
إذا ما الرزق أحجم عن كريم ... فألجأه الزمان إلى زياد
تلقاه بوجه مكفهر ... كأن عليه أرزاق العباد
الإحجام: النكوص عن القرن هيبة له. وقد توسع به هنا. وضده الإقدام. ويقال: نكص على عقبيه. والمكفهر: المستقبل بكراهة وتغصن وجه. ويقال: سحاب مكفهر، إذا تراكم، ووجه مكفهر. ويروى: بوجه مقشعر، والأصل في الإقشعرار تقبض الجلد وانتصاب الشعر، ثم يتوسع فيه فيقال: اقشعرت الأرض والنبات والسنة. والمعنى ظاهر، وهو أن العافي إذا ورد عليه تلقاه بعبوس، كأنه اجتمع عليه لورود واحد من الناس أرزاق الخلق كلهم. وجواب إذا تلقاه.
عجباً لأحمد والعجائب جمة ... أبي يلوم على الزمان تبذلي
إن العجب لما أبثك أمره ... من كل مثوج الفؤاد مهبل
وغد يلوك لسانه بلهانه ... وترى ضبابة قلبه لا تنجلي
متصرف للنوك في غلوائه ... زمر المروءة جامح في المسحل
وإذا شهدت به مجالس ذي النهى ... وبلت سحابته بنوك مسهل
غلب الزمان بجده فسما به ... وكبا الزمان لوجهه والكلكل
قوله والعجائب جمة اعتراض بين أحمد وقصته التي عجب منها. ويقال: أمر عجب وعجاب وعجيب وعاجب. وأبلغ هذه الأبنية العجاب. وانتصب عجباً على المصدر. يقول: أتعجب لأحمد كيف أنكر خلقي وطريقتي، حتى لامني في تبذلي على تنكر الأيام وتغيرها، ومن أين استطرف ما رأى من