قوله ذا من لفظة حبذا أشير به إلى الشيء، وهو مع حب بمنزلة الرجل من نعم الرجل، إلا أنه أجرى معه مجرى الأمثال، لا يغير ولا يفصل بينهما. والمعنى: محبوب في الأشياء أهل الملا غير مي، فإنها إذا ذكرت لا تستحق مدحاً ولا اختصاصاً، ولا ثناء ولا إطراء، فلا تعطي هذا القول، ولا تذكر عند الدعاء بالسقيا، ولا تدخل عند الحمد أو الحب في الذكرى. وقولها فلا حبذا هي جعل ألف ذا على انفصالها تأسيساً، لأن الروى من اسم مضمر وهو هي. وقولها على وجه مي مسحة تريد أن ظاهرها حسن، كأن الله عز وجل قد مسها بالجمال مسحاً، ويكون أصله من المسح باليد، وقد استعمل في الدعاء فقيل للمريض: مسح الله ما بك من علة، وقيل أيضاً: هو ممسوح الوجه أي مستوى الخلقة. وقولها وتحت الثياب الخزى تريد أنها ما سوى المعاري منها مما هو مواري من بدنها، ومستور بثيابها، قبيح. وقولها لو كان بادياً جواب لو مقدم عليه. أرادت: لو ظهر الخافي منها كان خزياً. ثم شبهتها بالماء يتناهى صفاؤه ولونه، ويتراءى للناظر زرقته، ويحسب عذباً سلسالاً فإذا هو ملح أجاج، حتى إذا ورده الوارد فنظر إليه صار كأنه بعده من نفسه بظاهره عذوبة، فإذا طعمه يخلف ولا يفي، بل يعطيه مرارة. هذا إذا روى يخلف لأنه من الخلف في الوعد، وقد روى يخلف فيكون من الخلوف: التغير. وفي الحديث " خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك "، والمراد أن ظاهر هذه المرأة كظاهر هذا الماء، وباطنها كباطنه فكما أن وارد هذا الماء وقد اضطره العطش وساقه حرارة الجوف والغلة يصدر عنه وقد تضاعف ظمؤه وتزايدت حرته، كذلك هذه المرأة للكاشف عن أمرها، والذائق بعد الاغترار بها. وقولها بأضعاف الذي جاء، تريد جاء عليه، فحذف حرف الجر ووصل الفعل بنفسه، فصار جاءه، ثم حذف الضمير من الصلة استثقالاً واستطالة لكون أربعة أشياء شيئاً واحداً: الموصول، والفعل، والفاعل، والمفعول، ومن جوز حذف الجار والمجرور من الصلة فالأمر عنده أقرب. وانتصب ظامئاً على الحال.
وقولها فلو أن غيلان الشقي تعني به ذا الرمة، لأنه كان ينسب بمية، وكان يسميها مرة ميا ومرة مية. فتقول: لو أنها تجردت له لتبرأ منها وتندم على ما سيره من النسيب فيها. وانتصب مجردة على الحال. وأشارت بذا من قولها لما قال ذاليا إلى مجرد مية، أي ما حدث نفسه بأنه له. ويروى: لما قال آليا وهذا يتعلق بما