لأن القنفذ لاينام بالليل. فيقول: هي بوشايتها تفرق بين الخلطاء، وتقطع الوصل والأواصر بينهم. ولك أن تنصب منجذة ومفرقة على الحال، ولك أن ترفعهما على الاستئناف. وقوله وما تستطع شرط وجزاء، والمفعول محذوف، فهو كقولك: ما تطق تفعل. فأما قوله: يقول رأيت وقيل سمعت، فالباء تتعلق بقوله تقطع. والمعنى أنها تباهت وتكابر، وتتزيد في القول وتجاهر، فتدعي مشاهدة ما لاتشاهده، وسماع ما لاتدركه. وهذا زائد على ما قاله الآخر حين نفى هذه الطريقة، وهو:
وليست من اللائي يكون حديثها ... أمام بيوت الحي إن وإنما
ورواه بعضهم:
تقول رأيت لما لاترى ... وقالت سمعت ولم تسمع
والذي رويناه أحسن تلاؤماً وأقرب.
فإن تشرب الزق لايروها ... وإن تاكل الشاة لاتشبع
وليست بتاركة محرماً ... ولو حف بالاسل الشرع
ولو صعدت في ذرى شاهق ... تزل بها العصم لم تصرع
فبئست قعاد الفتى وحدها ... وبئست موقية الأربع
محرماً، أي حراماً. والحرمة: ما لايحل انتهاكه، وكذلك المحارم. وفي المثل لابقينا للحمية بعد الحرام أي عند الحرمة. وهو ذو محرم وحرمة في القرابة. والشرع: جمع شارع، ويقال: أشرعت الرمح قبله فشرع. وصفها بالنميمة وشدة الحرص على تناول المحرم ولو انتزعته من بين الأسنة. ثم وصفها بالتجليح، وحسن التنقيح، والحذق في التوصل إلى الممنوع، ولو احتاجت إلى أن تترقى في مصاعد الجبال، ومدارج الهضاب المعجزة للعصم.
وقوله فبءست قعاد الفتى وحدها انتصب قعاد وموفية على التمييز، لأنه وإن كان معرفةً في اللفظ، فلا اختصاص فيه. ويروي بالرفع في الموضعين. فإذا نصبت