بحره. وقوله ذات ليلة يريد الساعة التي يكون فيها الليلة المطلوبة. وعلى هذا قولك: فعلت كذا ذات العشاء، يريد الساعة التي فيها العشاء. والمعنى: أصبحت منا على هذه الحالة قريش، أي حصلت من ليلتها على صباح هكذا.
حلفت ولم أكذب وإلا فكل ما ... ملكت لبيت الله أهديه حافيه
لو ان المنايا أعرضت لاقتحمتها ... مخافة فيه إن فاه لداهيه
فما جيفة الخنزير عند ابن مغرب ... قتادة إلا ريح مسك وغاليه
فكيف اصطباري يا قتادة بعدما ... شمعت الذي من فيك أثأى صماخيه
قولها ولم أكذب في موضع الحال أي حلفت صادقة في خبري، وإلا فما أملكه لبيت الله - تعني لمن حول بيت الله، فحذف المضاف - أهديه إليه بنفسي حافية لا حذاء لي. فقولها أهديه، يجوز أن يكون في موضع خبر المبتدأ، كأنها قالت: وإلا فما أملكه أهديه لبيت الله حافية، أي في هذه الحال. ويقال: أهديت إلى البيت وللبيت هدياً، إذا تقربت فيه بقربان. واللام من لبيت الله على هذا يتعلق بأهديه، ويجوز أن يكون لبيت الله خبر المبتدأ. وأهديه إن شئت كان مستأنفاً، وإن شئت كان خبراً ثانياً، وإن شئت كان بدلاً. وقولها لو أن المنايا أعرضت أي مكنت من النظر إلى عرضها، أي إلى الجانب الذي تجيء منه لاقتحمتها، أي لوقعت فيها وصرت في قحمتها. وانتصب مخافة فيه على أنه مفعول له. وقولها فما جيفة الخنزير تريد: ما رائحة جيفة الخنزير إلا ريح مسك لأن الحدث يشبه بالحدث، والعين بالعين.
وقولها فكيف اصطباري يا قتادة، يريد: كيف أتكلف صبراً على مجاورتك والكون معك. بعد ما بليت به من بخرك ونتن فمك، الذي أفسد على آلة الشم