فكأنه قال: لا أكلمك إلى آخر المدة التي يتغير فيها الدهر. المعنى: يصف شجاعته وقلت اكتراثه بالموت يقول: لا تدفنوني في قبري، فإنه حرام عليكم دفني، ولكن اتركوني تأكلني الضباع وهي تأكل الجيف، وقيل بل مراده ادفنوني، وذلك إنه يخاطب أعداءه الذين قتلوه وهو يعلم أنهم لا يطيعونه فيما يقول فقال: لا تدفنوني حتى يدفنوه، وقيل: بل مراده الحث على طلب ثأره، وذلك إن قتل وترك بالفضاء ولم يدفن كأن أشد على قومه وادعى لهم إلى الطلب بثأره، وقال: لا أرجو حياة تسرني بعد أكل الضبع رأسي، إذا صرت بتلك الحالة لا أحيا بعد ذلك آخر الدهر، وقيل: إن الشنفرى من منكري البعث.
(165)
وقال تأبط شرًا، واسمه ثابت بن عميثل:
(الثاني من الطويل والقافية متدارك)
وقالوا لها لا تنكحيه فإنه لأول نصٍل أن يلاقي مجمعا
فلم تر من رأٍي فتيلًا وحاذرت تأيمها من لابس الليل أروعا
قال الأصعمي: "كان تأبط شرًا ابن أبي طرفة الهذلي، وهو ثابت بن جابر وهو من فهم"، وفهم وعدوان أخوان، وكان خطب امرأة من بني عبس فأرادت نكاحه ووعدته، فلما جاءها وجدها قد تغيرت فقال لها: ما غيرك؟ قالت: والله إن الحسب لكريم ولكن قومي يقولون: ما تصنعين برجل يقتل عنك أحد اليومين وتبقين بلا زوج، فانصرف عنها وهو يقول الأبيات ... ولابس الليل يعني نفسه لأنه يسري فيه. المعنى: يصف شهرته بالشجاعة وتعرضه للموت حتى قيل للمرأة