وأما الوقوف إلى غروب الشمس فهو واجب عند أكثر العلماء، فمن انصرف قبل الغروب يلزمه دم عندهم، ومن أهل العلم من لا يلزمه بدم، بل يكفيه إذا وقف وانصرف قبل الغروب؛ لأنه صدق عليه أنه قف ساعةً من نهار، وعلى كل حال الاحتياط أن يمكث الشخص، وأن يقتدي به -عليه الصلاة والسلام- فلا ينصرف حتى تغرب الشمس، ويتحقق من ذلك وتذهب الصفرة قليلاً، أرباب الحملات نظراً لكثرة حجاجهم ويحتاجون إلى تنظيم وترتيب ينشغلون في آخر الوقت، الذي يقول عنه عامة الناس وقت اللزوم، عشية عرفة، ينشغلون ويشغلون الحجاج بالتأهب والركوع وحمل الأمتعة، نظراً كونهم يحتاجون إلى ذلك وإلا ما اضطروا إلى التأخير.
فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه، وأن يستغل كل لحظة من لحظات هذا الموقف، ويحرص على العشي في آخر النهار، ويجتهد في الدعاء، ويخلص العمل لله -سبحانه وتعالى- ويقدم بين يدي ذلك توبةً نصوحاً.
"وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه" يقول أهل العلم: في هذا جواز الإرداف على الدابة شريطة أن تكون مطيقةً لذلك، والأدلة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذلك متظافرة على هذا، أردف مراراً، لا شك أن الإرداف يدل على التواضع، الشخص الذي لا يرضى أن يركب معه أحد، أو يدنو منه أحد، من الكبر نسأل الله العافية.
"وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد شنق للقصواء الزمام" يعني ضمه، ورد الزمام الذي هو الحبل، يقول: "حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله" إذا رد الحبل وهو الزمام الذي تخطم به الناقة حتى يصيب مورك الرحل، لكي لا تسرع بالمشي.