وسلم-.
قال مسلم -رحمه الله تعالى-: وحدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي حدثنا جعفر بن محمدٍ، حدثني أبي قال: أتيت جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- فسألته عن حجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وساق الحديث بنحو حديث حاتم بن إسماعيل، وزاد في الحديث: وكانت العرب يدفع بهم أبو سيارة على حمارٍ عري، فلما أجاز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المزدلفة بالمشعر الحرام لم تشك قريش أنه سيقتصر عليه، ويكون منزله ثَمّ، فأجاز ولم يعرض له حتى أتى عرفاتٍ فنزل -صلى الله عليه وسلم-.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول جابر -رضي الله عنه-: "ثم أذن" يعني بعد أن انتهت الخطبة، أذن يعني أمر بالأذان ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، صلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين جمعاً بأذان واحد وإقامتين، وهذا هو الأفضل، وهل الجمع في عرفة ومزدلفة للسفر أو للنسك؟ قولان لأهل العلم، والرسول -عليه الصلاة والسلام- اجتمع فيه الوصفان، فهو مسافر يسوغ له الجمع والقصر، وهو أيضاً متلبس بإحرام وبنسك يسوغ له الجمع والقصر عند من يقول بأن هذا الجمع للنسك.
الرسول -عليه الصلاة والسلام- في مكة لما سلم من ركعتين قال: ((أتموا، فإنا قوم سفر)) وهنا في عرفة ومزدلفة لم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((أتموا)) فهل جميع من حضر هذه الصلاة سواء كانت في عرفة أو في مزدلفة قصروا معه وجمعوا؟ أو اختص هذا الأمر بمن كان على مسافة قصر من الموقع؟ على كل حال هما قولان لأهل العلم ولم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أمر أحداً بالإتمام، فالمتجه أن الكل يجمع ويقصر، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو أمر أحداً بذلك لاستفاض ونُقل، والفائدة من الجمع وإن كانت العادة المطردة منه -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يجمع إلا إذا جد به السير، وهنا لم يجد به السير، ليتوفر له الوقت الكافي للوقوف بعرفة والدعاء والذكر.