تقدم في أول الحديث الإحرام، وهو ركن من أركان الحج كما تقدم أيضاً الطواف، والطواف الذي طافه النبي -عليه الصلاة والسلام- هو طواف القدوم، وهو سنة عند جماهير أهل العلم، وقيل بوجوبه، ثم خرج بعد ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ} [(158) سورة البقرة] ((أبدأ بما بدأ الله به)) الله -سبحانه وتعالى- بدأ بالصفا ذكراً، وبدأ به النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلاً، يقول الله -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ} فبدأ بالصفا ذكراً وبدأ النبي -عليه الصلاة والسلام- به فعلاً، فرقي على الصفا حتى رأى البيت فاستقبل القبلة، واتجه اتجاه الكعبة، ونظر إليها، وهذا سنة إن تيسر، وإلا فالجهة كافية؛ لأنه في هذه الأزمان مع كثرة العمد، وكثرة البنايات قد لا يتيسر، فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره، وفسر ذلك بقوله: قال: ((لا إله إلا الله وحده -هذا التوحيد- لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير)).
وهذا التوحيد من أفضل ما يقوله المسلم، بل أفضل ما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- والنبيون من قبله، ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير)) ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، في يومٍ مائة مرة حصل له أمور، واحد منها يكفي، كتب له مائة حسنة، وحطّ عنه مائة خطيئة، وحذر من الشيطان حتى يمسي ... الخ.
فالمحروم من حرم مثل هذه الأذكار، والناس في غفلةٍ عن مثل هذا، إذا قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيءٍ قدير، كان كمن أعتق أربعةً من ولد إسماعيل، شيء لا يكلف، يعني عشر مرات تقال بدون مبالغة في دقيقة، لكن الحرمان لا نهاية له، من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة حطّت عنه خطاياه، خطايا جمع مضاف فيفيد العموم، وإن كانت مثل زبد البحر.