"يقول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاج فقدم المدينة بشر كثير" يقربون من مائة وعشرين ألفاً، حزروا بهذا العدد، منهم من زاد ومنهم من نقص، لكن هذا هو المعدل بين الأقوال، بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويعمل مثل عمله، هذا الأصل في العبادات أن تأتي مطابقة لفعله -عليه الصلاة والسلام-، إذ شرط كل عبادة أن تكون خالصة لوجه الله -سبحانه وتعالى-، وأن تكون على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإذا كان أهل العلم يوصون الحجاج، وهذا مستفيض في المناسك، أن يكون الحاج بصحبة طالب علم أو عالم لتكون أفعاله على المطلوب شرعاً، فإذا كان هذا بالنسبة لمن يعرف شيئاً من العلم، فكيف بالائتساء بمن أمرنا بالاقتداء به والائتساء به؟! استجاب الصحابة لما أذن بهم، فأعلن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حاج.
"فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويعمل مثل عمله".
يقول: "فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر" ولدت، خرجت إلى الحج وهي على أبواب الولادة -مشارف الولادة- ولدت بعد بضعة أميال، وهذا من حرصهم -من حرص الصحابة- على المسارعة إلى إبراء الذمة من الواجبات من جهة، ومن جهةٍ أخرى الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، فرصة قد لا تتكرر وقد حصل، لو تأخرت بسبب الحمل، والذي يغلب على الظن أنها قد وصلت إلى حد الطلق قبل خروجها من بيتها، الآن ومع تراخي الناس وتساهلهم في المسارعة والمبادرة إلى الخيرات تجد الشخص يتعلل بعللٍ واهية، يتأخر عن الحج بسبب إكمال الدراسة، إيش علاقة الدراسة بالحج؟ يتعلل بتأخير الحج وهو على الفور كما سمعنا بسبب الزواج مثلاً، أو لأنه مشغول، وقد يتعلل بعضهم بأن وقت الحج يأتي في إجازة، والإجازة فرصة بأن يخرج هو وزملاؤه وأقرانه في رحلة مثلاً، كل هذه علل واهية تدل على رقةٍ في الدين.