"فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله -صلى الله عليه وسلم-" الرسول حج في السنة العاشرة، والخلاف بين أهل العلم في الحج هل فرض في السادسة أو التاسعة أو العاشرة معروف؟ لكن المرجح عند أهل التحقيق أنه إنما فرض في السنة التاسعة، ولم يحج النبي -عليه الصلاة والسلام- في السنة التاسعة بل بعث أبا بكر لكي يؤذن بالناس أن لا يحج بعد العام مشرك، وأن لا يطوف بالبيت عريان؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يكره هذه المناظر ولا يطيق مشاهدتها، فإذا نظف البيت من هذه المناظر حجّ كما هو الواقع.

يترتب على الخلاف في وقت فرض الحج الخلاف في الحج نفسه، هل هو على الفور أو على التراخي؟ من قال: أنه فرض سنة ست قال: أنه على التراخي؛ لأن النبي مكث سنين -عليه الصلاة والسلام- لم يحج، لم يحج إلا سنة عشر، ومن قال: أنه فرض سنة تسع، وأخر الحج عن تسع إلى عشر للعلة المذكورة أو قال: فرض سنة عشر قال: إن الحج على الفور، وكونه على الفور هو المرجح عند أهل العلم.

والحج ركن من أركان الإسلام إجماعاً، لحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وغيره: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان والحج)) أو: ((والحج وصوم رمضان)) على الخلاف بين الرواة في ذلك.

الإمام البخاري -رحمه الله- قدم الحج على الصيام لكونه أهم عنده، والرواية الثابتة عنده في تقديم الحج على الصيام من حديث عبد الله بن عمر أرجح من تقديم الصيام على الحج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015