"فقال: مرحباً بك يا ابن أخي، سل عما شئت، فسألته وهو أعمى وحضر وقت الصلاة، فقام في نساجةٍ" في بعض الأصول الموثقة في ساجة بدون نون، وصححها بعضهم وخطأ النون، خطأ ما عندنا في نساجة، لكنها ثابتة في بعض الروايات المعتمدة.

"فقام في نساجة ملتحفاً بها" يقول: "فصلى بنا" وهو أعمى، فصلاة الأعمى وإمامة الأعمى صحيحة لا إشكال فيها، والمفاضلة بينه وبين المبصر مسألة خلافية بين أهل العلم فمنهم من يرى أن الأعمى أفضل من المبصر للإمامة، لأنه لا يرى ما حوله فلا ينشغل بل يقبل على صلاته، ومنهم من يقول: لا، المبصر أولى، وصلاته أكمل؛ لأنه هو الذي يتحرز عن النجاسات، وما يؤثر على الصلاة.

والقول المرجح في هذه المسألة أن مرد التفضيل إلى حديث أبي مسعود: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) .. إلى آخر ما في الحديث، وليس فيه كونه مبصر، ولا كونه أعمى، وبهذا نعرف ضعف من يقول من أهل العلم بأمورٍ بنوا عليها التفضيل ولا دليل فيها، حتى قال بعضهم: أفضلهم أجملهم وجهاً، بعضهم قال: أكبرهم رأساً، بعضهم قال: أجمل امرأة، بعضهم قال: .. الخ، أشياء مضحكة، لا وزن لها في الشرع، فكيف يفضل فيها في أفضل مقام في الصلاة؟!

"فقام في نساجة" النساجة كساء يشبه الطيلسان، "ملتحفاً بها كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغره ورداؤه إلى جنبه" عنده رداء آخر لكن يريد أن يبين لهم القدر المجزئ في السترة، وأنه لا بد أن تستر العورة، وستر العورة شرط عند أهل العلم.

"كلما وضعها على منكبه" أيضاً ستر المنكب واجب في الصلاة، وفرق بين الشرط والواجب، ستر العورة شرط، وستر المنكب واجب، جاء في الحديث الصحيح: ((لا يصلِ أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) والمراد هنا بالعاتق الجنس، بدليل الرواية الأخرى: ((ليس على عاتقيه منه شيء)) فلا بد من ستر العاتقين، وإن كان المعروف عن الإمام أحمد أنه يكفي أحد العاتقين بناءً على رواية: ((ليس على عاتقه)) كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها، المنكب هو الكتف، أو هو مجتمع رأس العضد مع الكتف، رجع طرفاها إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المشجب، المشجب ما تعلق عليه الثياب، كالشماعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015