المقصود أن بلوغ الحلم أمر لا بد منه لقبول الرواية، ولذلك يشترطون في قبول الشهادة وقبول الرواية أن يكون الراوي والشاهد مكلفاً؛ لأن الصبي لا يؤمن أن يزيد أو ينقص أو يكذب في خبره أو في شهادته؛ لأنه غير مكلف، نقول: نعم، هذا أمر نقل عليه الاتفاق لكنه في حال الأداء، لا في حال التحمل، يصح تحمل الصغير، ويصح تحمل الكافر، ويصح تحمل الفاسق، لكن إنما يطلب الكمال وتوافر الشروط عند الأداء، إذا أراد أن يؤدي ما تحمل لا بد أن تكتمل شروطه، أما في حال التحمل فتقبل رواية الصبي إذا كان مميزاً.

في صحيح البخاري في حديث ابن محمود الربيع أنه عقل مجّة مجها النبي -عليه الصلاة والسلام- في وجهه من دلوٍ وهو ابن أربع سنين أو خمس سنين الذي في الصحيح خمس سنين، جاء في بعض الروايات خارج الصحيح ابن أربع سنين، ولذا جعل أهل العلم الحد الفاصل لقبول الرواية خمس، لكن الحديث لا يدل على التحديد، كون محمود عقل وهو ابن خمس سنين لا يعني أن غيره يعقل وهو ابن خمس سنين، فقد يعقل قبل ذلك، وقد لا يعقل إلا إذا تجاوز هذا السن.

على كل حال توفر الشروط لا بد منه لكن في حال الأداء، وأما في حال التحمل يقبل تحمل الصبي الصغير وتحمل الكافر والفاسق.

"وأنا يومئذٍ غلام شاب فقال: مرحباً" هذه كلمة تتبادل في التحية وهي سنة، ثبت في الصحيح أن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: السلام عليك يا رسول الله فقال: ((مرحباً بأم هانئ)) وأهل العلم يختلفون في رد التحية بمرحباً، هل يكفي أو لا بد من أن ترد التحية بأحسن منها أو مثلها؟ فيقال: وعليكم السلام ورحمة الله، مرحباً، ما حفظ عنه أنه -عليه الصلاة والسلام- في حديث أم هانئ أنه قال: وعليك السلام مرحباً، ولذا قال بعضهم: يجزئ الرد بمرحباً، وقال بعضهم: أنه لا يجزئ بل لا بد أن ترد التحية بأحسن منها أو بمثلها، وكون الرواة لم ينقلوا عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: وعليك السلام، لا يعني أنه لم يقع، فإذا ثبت الحكم بدليلٍ شرعي لا يلزم أن ينقل في جميع الأدلة، لا يلزم أن تتظافر عليه الأدلة، فتركه الراوي للعلم به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015