في سائر الحيوان، والأخرى مختصة بالإنسان ـ فهذا معنى صحيح.

وإن أرادوا به أن حيوانيته مشتركة بينه وبين غيره، فقد غلطوا؛ فإن حيوانية كل حيوان كناطقية كل ناطق، وذلك مختص بمحله.

وكذلك إن أرادوا بالتركيب أن هنا موجودًا موصوفًا بأنه حيوان غير الموجود الموصوف بأنه ناطق وصاهل، وأن الإنسان مركب من هذا الموجود وهذا الموجود، والفرس مركب من هذا الموجود وهذا الموجود، فقد غلطوا، بل لا موجود إلا هذا الإنسان الموصوف بأنه حيوان ناطق، وهذا الفرس الموصوف بأنه حيوان صاهل، وكذلك سائر الحيوانات والموجودات، فقول القائل: الإنسان مركب من هذا وهذا، إذا أريد به أن هنا شيئًا مركبًا، وأن له جزئين متباينين هو مركب منهما، كان جاهلًا، بل هو شيء واحد موصوف بصفتين لا يوجد إلا بصفتيه، ولا توجد صفتاه إلا به.

وهذا المعنى صحيح، وهو أن الإنسان موصوف بأنه حيوان، وأنه ناطق حقيقة، وأنه ذات مستلزمة لصفاتها، لا يوجد الموصوف بدون صفته اللازمة له.

لكن هذا ليس في الخارج تركيبًا، وليس في الخارج صفة لازمة ذاتية، وأخرى عرضية لازمة للماهية، وأخرى لازمة لوجوده، بل ليس في الخارج إلا الموجود المعين، وصفاته، تنقسم إلى: لازمة له، وعارضة، وهو لا يوجد بدون شيء من صفاته اللازمة؛ فليس فيها ما هو لازم للذات الموجودة في الخارج، ولكن ليس بلازم لها بل لازم للموجود في الخارج، كما يظن ذلك من يظنه من المنطقيين.

وأصل خطئهم أنه اشتبه عليهم ما يتصور في الأذهان بما يوجد في الأعيان؛ فإن الذهن يتصور المثلث قبل وجوده في الخارج، وظنوا أن الماهية مغايرة للوجود، وهو صحيح إذا فسرت الماهية بما يتصوره الذهن. وأما أن يكون في الخارج مثلث له ماهية ثابتة في الخارج غير الشيء الموجود في الخارج؛ فهذا غلط بيّن. فإذا فهم هذا في صفة المخلوق؛ فالخالق أبعد عما سماه هؤلاء تركيبًا.

فإذا قيل: إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ حي عليم قدير، فهو موصوف بأنه الحي العليم القدير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015