الطوائف التي تنازع السلف في تكفيرهم

[وأما الخوارج والروافض، ففي تكفيرهم نزاع وتردد عن أحمد وغيره].

وهذا هو النوع الثالث.

إذاً: النوع الأول: طوائف لم يتنازع السلف في تكفيرهم، بل أطبقوا على عدم كفرهم.

النوع الثاني: طوائف أطبق السلف على تكفيرهم، وذكر مثالاً لذلك الجهمية الغالية المحضة، ولهم مثال آخر؛ فإن السياق ليس سياق حصر، ومن مثال ذلك: القدرية الغلاة، وهم الذين ينكرون علم الرب بما سيكون من أفعال العباد، ويقولون: إنه لم يعلمها إلا عند وقوعها، فهؤلاء زنادقة كفار، وليسوا من الإسلام في شيء، ولا ينظر في شبهتهم أو حججهم.

وكالشيعة الغلاة الذين ألهوا علي بن أبي طالب؛ فإن هؤلاء أيضاً كفار بإجماع المسلمين.

إذاً أمثال هذه الطوائف الغالية لم يتنازع السلف في ثبوت كفرها.

النوع الثالث: هم قوم في تكفيرهم نزاع وتردد عند أحمد وغيره.

والفرق بين النزاع والتردد أن النزاع يكون بين اثنين، واحد يذهب إلى كفرهم والآخر يذهب إلى عدمه.

وأما التردد: فهو في مقام الواحد، وهو أن الإمام الواحد يتردد جوابه في ثبوت الكفر أو عدمه بحسب الموجب، وبحسب المقتضي.

أما موجب هذا التردد فقد يكون من داخل اجتهاد الإمام، أو يكون من تنوع مقالة هذه الطائفة.

إذاً: تبين هنا أن ثمة طوائف تردد السلف أو تنازعوا في ثبوت كفرهم، ومثال ذلك الخوارج؛ فإن بعض الأئمة كفرهم وهو رواية عن الإمام أحمد.

والذي عليه جمهور الأئمة، وهو ظاهر مذهب الصحابة أنهم ليسوا كفاراً، وكذلك الروافض الذين يطعنون على جملة الصحابة، فإن في كلام الأئمة تردداً وتنازعاً في تكفيرهم؛ ومن حكى الإجماع على تكفير الشيعة الإمامية الرافضة فقد أخطأ، فضلاً عمن حكى الإجماع على تكفير أعيانهم، فإن من ادعى الإجماع على تكفير أعيانهم فلا شك أنه قد أخطأ، فمن المعلوم أن هذه الطائفة موجودة منذ زمن السلف، ومع ذلك ما التزم أئمة السلف تكفير أعيانهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015