[وقد كان أولهم خرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى قسمة النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا محمد! اعدل فإنك لم تعدل.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لقد خبتُ وخسرتُ إن لم أعدل.
فقال له بعض أصحابه: دعني -يا رسول الله! - أضرب عنق هذا المنافق.
فقال: إنه يخرج من ضئضئ هذا أقوام يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم ..) الحديث فكان مبدأ البدع هو الطعن في السنة بالظن والهوى، كما طعن إبليس في أمر ربه برأيه وهواه].
هذا الرجل قام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، ووصفه أبو سعيد وغيره بقولهم: (فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كث اللحية، محلوق الرأس، مشمر الإزار، فقال: اعدل يا محمد؛ فإنك لم تعدل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل؟) وفي لفظ: (أو لست أحق أهل الأرض بأن يتقي الله؟ ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟ فقام خالد بن الوليد -وفي رواية في الصحيح عمر بن الخطاب، وليس من الممتنع أن يكون هذا قام وهذا قام- فقال: يا رسول الله! دعني أضرب عنقه.
قال: لعله أن يكون يصلي.
قال: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه.
قال: إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أن أشق بطونهم.
ثم نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقد ولى، فقال: إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ..) إلخ.
فهذا الرجل كان من الغالين الجافين، وكان ممن يطعن على السنة وأهلها، حتى طعن على الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد التزم هذا الخوارج من بعده.