[وأما الخوارج فهم معروفون بالصدق؛ والروافض معروفون بالكذب.
والخوارج مرقوا من الإسلام، وهؤلاء نابذوا الإسلام.
وأما القدرية المحضة فهم خير من هؤلاء بكثير، وأقرب إلى الكتاب والسنة].
قوله: "القدرية المحضة" أي: من زلَّ في مسألة أفعال العباد، فقال: أنها ليست مخلوقة، وأنها ليست بإرادة الله ومشيئته ..
فهذا القول قد قاله بعض أصحاب الرواية والإسناد، ومعنى أنهم قدرية محضة أي: ليس عندهم بدعة إلا مسألة أفعال العباد، فهذا النوع من القدرية المحضة التي غلطت في مسألة أفعال العباد، وهي في جمهور أصولها مقاربة للسنة والجماعة، هؤلاء لم ينطق أحد من السلف بتكفيرهم كما نص عليه المصنف في مقام آخر.
[لكن المعتزلة وغيرهم من القدرية هم جهمية أيضاً].
فالمعتزلة قدرية، ولكنهم ليسوا قدرية محضة، بمعنى: ليس عندهم بدعة القدر فقط، بل عندهم بدعة القدر وعندهم بدعة التجهم في نفي الصفات
إلى غير ذلك.
[وقد يكفرون من خالفهم، ويستحلون دماء المسلمين؛ فيقربون من أولئك].
أي: يقاربون الشيعة، وقد حصل أصلاً بين الشيعة والمعتزلة تجانس بعد ظهور المعتزلة البغدادية الذين تشيعوا لـ علي بن أبي طالب، حتى دخلت الشيعة فأخذت من معتزلة بغداد نفي الصفات، ونفي خلق أفعال العباد؛ ولهذا غلب على الشيعة الإمامية فيما بعد القول بنفي الصفات، والقول بأن الله لم يخلق أفعال العباد.