ح د د) : بَابُ حَدِّ الِاسْتِخْلَافِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " تَقْدِيمُ إمَامٍ بَدَلَ آخَرَ لِإِتْمَامِ صَلَاةٍ " فَقَوْلُهُ " تَقْدِيمُ " جِنْسٌ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِمَاهِيَةِ الْمَحْدُودِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَقَوْلُهُ " إمَامٍ " احْتَرَزَ بِهِ مِنْ تَقْدِيمِ غَيْرِ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ " بَدَلَ آخَرَ " يُرِيدُ عِوَضَ إمَامٍ آخَرَ فَحُذِفَ مَوْصُوفٌ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ مِنْ اللَّفْظِ قَوْلُهُ " لِإِتْمَامِ صَلَاةٍ " يَخْرُجُ بِهِ إذَا قُدِّمَ إمَامٌ عِوَضَ إمَامٍ بِمَسْجِدٍ وَبَدَلَ آخِرَ إمَّا مَفْعُولٌ أَوْ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَآخَرَ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ جَرٍّ أَصْلُهُ بَدَلًا مِنْ آخَرَ أَيْ مِنْ إمَامٍ آخَرَ لَكِنْ حَذَفَ ذَلِكَ اخْتِصَارًا وَالْإِضَافَةُ إلَى الْإِمَامِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ أَيْ تَقْدِيمُ رَجُلٍ إمَامًا أَعَمُّ مِنْ تَقْدِيمِ الْإِمَامِ أَوْ مِنْ تَقْدِيمِ الْجَمَاعَةِ إذَا لَمْ يُقَدِّمْ الْإِمَامُ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا قَدَّمَ الْإِمَامُ رَجُلًا مِنْ الْمَأْمُومِينَ ثُمَّ تَقَدَّمَ رَجُلٌ غَيْرُهُ وَلَمْ يُقَدِّمْهُ الْجَمَاعَةُ وَلَا الْإِمَامُ وَصَلَّى بِهِمْ قِيلَ إنَّ الْمَنْصُوصَ صِحَّةُ الصَّلَاةِ بِهِمْ وَلَمْ يَقَعْ تَقْدِيمٌ لَهُ مِنْ أَحَدٍ وَهُوَ اسْتِخْلَافٌ وَإِنَّمَا وَقَعَ لَهُ التَّقَدُّمُ لَا التَّقْدِيمُ (قُلْنَا) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا صَلَّتْ الْجَمَاعَةُ خَلْفَهُ فَذَلِكَ تَقْدِيمٌ لَهُ الْتِزَامًا (فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ قَرَّرْتَ أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى الْمَفْعُولِ وَهَلْ تَصِحُّ الْإِضَافَةُ إلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولُ مُقَدَّرٌ أَيْ تَقْدِيمُ إمَامٍ رَجُلًا مَنْ صِفَتُهُ أَنَّهُ بَدَلُ إمَامٍ آخَرَ (قُلْتُ) قَوْلُهُ بَدَلَ إمَامٍ آخَرَ يُبْعِدُهُ وَيُفْسِدُهُ إذَا تَأَمَّلْته وَعَلَى تَسْلِيمِهِ يَكُونُ الْحَدُّ غَيْرَ جَامِعٍ لِخُرُوجِ صُورَةِ تَقْدِيمِ الْجَمَاعَةِ (فَإِنْ) قُلْتَ حَدُّ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقْتَضِي أَنَّهُ خَاصٌّ بِالِاسْتِخْلَافِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِإِتْمَامِ صَلَاةٍ وَالْإِتْمَامُ يَقْتَضِي أَنَّ الصَّلَاةَ اُبْتُدِئَتْ وَالثَّانِي أَتَمَّهَا وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْحَدُّ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ بِمَا إذَا اسْتَخْلَفَ عَلَى الصَّلَاةِ ابْتِدَاءً قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا فَإِنَّهُ يُسَمَّى اسْتِخْلَافًا وَقَدْ وَقَعَ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْجُمُعَةِ إذَا خَطَبَ إمَامٌ ثُمَّ قَدَّمَ وَالٍ آخَرَ وَأَذِنَ فِي الصَّلَاةِ لِلْأَوَّلِ وَصَلَّى أَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجَّهَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَهُمَا مَا بِأَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الصَّلَاةِ فَهَذَا اسْتِخْلَافٌ لَيْسَ فِيهِ إتْمَامُ صَلَاةٍ وَإِنَّمَا فِيهِ ابْتِدَاءُ صَلَاةٍ (قُلْنَا) كَأَنْ يَظْهَرَ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ يُطْلَقُ عَلَى مَعْنًى أَعُمَّ وَعَلَى مَعْنًى أَخَصَّ فَالِاسْتِخْلَافُ الْمَحْدُودُ بِالْمَعْنَى