ذَكَرَهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ الْمُبَارَكِ فِي آخِرِ عَامِ ثَمَانِيَةٍ وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ قَالَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ أَنْشَدَ الشَّيْخَ الْإِمَامَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ
بَلَغْت الثَّمَانِينَ بَلْ جُزْتهَا ... وَهَانَ عَلَى النَّفْسِ صَعْبُ الْحِمَامِ
وَآحَادُ عَصْرِي مَضَوْا جُمْلَةً ... وَصَارُوا خَيَالًا كَطَيْفِ الْمَنَامِ
وَأَرْجُوا بِهَا نَيْلَ صَدْرِ الْحَدِيثِ ... بِحُبِّ اللِّقَاءِ وَكُرْهِ الْمَقَام
وَكَانَتْ حَيَّاتِي بِلُطْفٍ جَمِيلٍ ... لِسَبْقِ دُعَاءِ أَبِي فِي الْمَقَامِ
وَالْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» وَهَذَا بَعْدَ مَا فَتَحَ اللَّهُ بِهِ مِنْ التَّقْيِيدِ عَلَى رُسُومِهِ وَبَعْضِ ضَوَابِطِهِ بِبَرَكَتِهِ وَفَضْلِهِ وَمَقْصِدِي بِذَلِكَ خِدْمَتُهُ وَأَنْ تَعُودَ عَلَيَّ وَعَلَى عَقِبِي بَرَكَتُهُ وَنَرْجُو اللَّهَ وَإِنْ كُنْت مُقَصِّرًا فِي الْأَعْمَالِ قَلِيلَ الْعَمَلِ بَيْنَ فُحُولِ الرِّجَالِ أَنَّ حُبَّهُ يَسْتُرُ عَلَيْنَا جَهْلَنَا وَيُعَرِّفُنَا قَدْرَنَا وَنَرْجُو اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَنْ نُكْمِلَ الْفَائِدَةَ بِمَا فِي كِتَابِهِ بَيَانُ ضَوَابِطِهِ وَشَرْحُ حِكَمِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يَمُنُّ عَلَيْنَا بِفَضْلِهِ وَلَا يُخَيِّبُنَا مِنْ رَجَاءِ عَفْوِهِ وَيَسْتُرُنَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ أَحْوَالِنَا كَمَا سَتَرَنَا فِيمَا مَضَى مِنْ أَعْمَارِنَا وَلَا يَفْضَحُنَا يَوْمَ لِقَاهُ وَيَعْمُرُ قُلُوبَنَا بِحُبِّهِ حَتَّى لَا نَرَى إلَّا إيَّاهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا سَلَامًا يَكُونُ لَنَا عُدَّةً نَنَالُ بِهِ رِضَاهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ تَقْيِيدِهِ فِي الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامِ اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ وَفَاتِحَةُ ابْتِدَاءِ تَقْيِيدِهِ أَوَاسِطَ شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ الْمُنْصَرِمِ عَنْ عَامِ تَارِيخِهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا بِالرِّضَى وَالرِّضْوَانِ وَالْعَافِيَةِ فِي الدِّينِ وَالْبَدَنِ وَالْأَمَانِ وَنَرْغَبُ مِنْ نَاظِرِهِ الْوَفَاءَ بِأُخُوَّةِ الْإِيمَانِ وَالدُّعَاءِ لِوَلِيِّ اللَّهِ صَاحِبِ هَذِهِ الْحُدُودِ بِالْغُفْرَانِ وَلِمَنْ اعْتَنَى بِهَا مِنْ أَهْلِ الْإِحْسَانِ سَاتِرًا لِمَعَايِبِهِ فِيمَا يَكُونُ مِنْهُ أَوْ كَانَ وَمُؤَلِّفُ هَذَا التَّأْلِيفِ يُخَاطِبُ نَاظِرَهُ مِنْ أَهْلِ التَّعْرِيفِ وَيَقُولُ
بِاَللَّهِ يَا مُسْتَفِيدًا مِنْ فَوَائِدِهِ ... لَا تَبْخَلَن بِأَنْ تَدْعُوَ لِكَاتِبِهِ
وَاذْكُرْ لِوَاضِعِهِ أَيْضًا فَإِنَّ لَهُ ... حَظًّا وَلَا تَنْسَ أَيْضًا حَقَّ كَاسِبِهِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ.