حِكَمِيَّةً لَوْذَعِيَّةً فِي مَعَانٍ حُكْمِيَّةٍ وَقَوَاعِدَ فِقْهِيَّةٍ وَقَوَاعِدَ عَقْلِيَّةٍ وَمَا ذَاكَ إلَّا أَنَّ اللَّهَ مَنَّ عَلَيْهِ بِحُسْنِ سَرِيرَتِهِ وَطَيَّبَ فَهْمَهُ وَعَقِيدَتَهُ وَحَفِظَ لِسَانَهُ وَكَتَبَ بَنَانَهُ وَلَمَّا كَاتَبَهُ شَيْخُ الْمُوَحِّدِينَ بِزَمَنِهِ الشَّيْخُ ابْنُ تَافَرَا حِينَ بَعَثَ إلَيْهِ سُؤَالًا مُسْتَفْتِيًا لَهُ فِي نَازِلَةٍ وَقَعَتْ لَهُ فَسَأَلَ شَيْخَ الْإِسْلَامِ وَعَلَمَ الْأَعْلَامِ وَخَاطَبَهُ بِأَبْيَاتٍ فِيهَا مَحَاسِنُ وَآيَاتٌ فَقَالَ وَأَجَادَ فِي الْمَقَالِ مُخَاطِبًا لِأَهْلِ الْكَمَالِ.
يَا دَوْحَةَ الْأَدَبِ الْمَصُونِ فِي الْعُلَا ... مِنْك اسْتَطَبْنَا الطَّعْمَ وَالْمَشْمُومَا
أَوْرَتْ زِنَادُك فِي الْعُلُومِ فَأَصْبَحَتْ ... تُهْدِي إلَيْك نَفَائِسًا وَعُلُومَا
فَإِذَا تَرَى لِمُتَيَّمٍ لَعِبْت بِهِ ... أَيْدِي الزَّمَانِ فَصَبَّحَتْهُ هَشِيمَا
ذِي زَوْجَتَيْنِ كَرِيمَتَيْنِ مِنْ الْعُلَا ... أَصْلًا وَفَرْعًا زَادَتَا تَكْرِيمَا
بَيْضَاوَتَانِ عَلَيْهِمَا نَسْجُ الْحَيَا ... حُلَلًا فَأَصْبَحَتَا بِذَاكَ نَظِيمَا
أَبْدَى الْيَمِينَ بِزَوْجَتَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ ... يَدْرِي فُرَادَى قَالَ أَوْ تَحْرِيمَا
فَالشَّكُّ خَالَطَهُ وَأَوْهَمَ عَقْلَهُ ... حَتَّى غَدَا مَا يَفْهَمُ التَّسْلِيمَا
وَلَقَدْ يَجُولُ بِفِكْرِهِ فِي رَأْيِهِ ... وَيُمَحِّصُ الْأَوْهَامَ وَالتَّقْسِيمَا
فَيَعُودُ وَهُوَ مُشَكَّكٌ فِي أَمْرِهِ ... قَدْ كَادَ يَمْنَعُ جَفْنَهُ التَّنْوِيمَا
أَفْصِحْ فَدَيْتُك مَا سَأَلْتُ مُحَقَّقًا ... تَجْلُو عَنَاهُ وَتَمْنَحُ التَّعْلِيمَا
فَأَجَابَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَبَرَّدَ ضَرِيحَهُ وَأَثَابَ مَادِحَهُ وَلَقَدْ أَجَادَ فِي مَدْحِهِ وَحُسْنِ أَدَبِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
وَنَفَعَ بِهِ يَا مَنْ غَدَا مَثَلًا لِحُسْنِ فِعَالِهِ ... وَمَقَالِهِ الْمَعْقُولَ وَالْمَنْقُولَ
يَا مَنْ نَتَائِجُ فِكْرِهِ مَعْرُوفَةٌ ... بِالصِّدْقِ مِثْلُ ذِمَامِهِ الْمَأْمُولِ
مَنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ بِحِنْثِهِ ... فِي حَلْفِهِ بِمَقَالِهِ الْمَبْذُولِ
مَشْهُورُ مَذْهَبِنَا يُعَمِّمُ حِنْثَهُ ... فِي كُلِّ مَعْنَى شَكِّهِ الْمَدْلُولِ
وَمَقَالَةٌ أُخْرَى تُخَصِّصُ حِنْثَهُ ... بِيَقِينِهِ لَا شَكِّهِ الْمَحْلُولِ
وَجْهَاهُمَا اسْتِصْحَابُ حُكْمٍ سَابِقٍ ... مُتَيَقِّنٍ أَوْ لَاحِقٍ مَجْهُولٍ
فَانْظُرْ بِعَيْنِ كَمَالِكُمْ وَمَجَالِكُمْ ... فِي مَنْزَعَاتِ الْعَقْلِ وَالْمَنْقُولِ
فَهَذَا جَوَابُ الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَفَا عَنْهُ فَتَأَمَّلْ حُسْنَ أَدَبِهِ مَعَ عُلُوِّ رِفْعَتِهِ وَعِزِّ قَدْرِهِ وَقَدْ عَلِمَتْ الْأَكَابِرُ فَضْلَهُ وَدِينَهُ وَهَدْيَهُ وَعِلْمَهُ وَفَهْمَهُ وَمَا يَقَعُ فِي جَانِبِهِ إلَّا مَنْ عَمِيَتْ بَصِيرَتُهُ وَظَهَرَتْ فَضِيحَتُهُ وَقَلَّ حَيَاؤُهُ وَذَهَبَ مَاؤُهُ وَنَظَرَ مِنْ غَيْرِ مِشْكَاتِهِ وَمِنْ خُفَّاشِ مِرْآتِهِ وَلَمَّا ذَهَبَتْ مُرُوءَةُ الْعِلْمِ وَمَحَبَّةُ أَهْلِ الْفَهْمِ فَلَا تَجِدُ مَنْ يُحِبُّ أَهْلَ