فَلَوْ قَالَ الثُّلُثُ مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ عَتَقَ وَلَا قُرْعَةَ وَقَبِلَهُ شَارِحُهُ وَوَقَعَ مِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ.
(ول ي) : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآله وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
كِتَابُ الْوَلَاءِ الْوَلَاءُ لَمْ يُعَرِّفْهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَذْكُرْ رَسْمَهُ وَيَظْهَرُ فِي سِرِّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» فَكَأَنَّهُ تَمْيِيزٌ لَهُ مِنْ إمَامِ الْعَارِفِينَ وَمَنْ أَتَاهُ اللَّهُ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ وَالْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ مَأْخُوذَةٌ عَنْهُ وَمِنْهُ فَلَا حَقِيقَةَ لَهُ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ وَبَيَّنَهُ وَيَظْهَرُ بَيَانُ الْحَدِيثِ بِالْوُقُوفِ عَلَى كَلَامِ مَنْ شَرَحَهُ وَلِلشَّيْخِ سَيِّدِي سَعِيدٍ فِيهِ كَلَامٌ حَسَنٌ سَتَقِفُ عَلَيْهِ وَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمَّا ذَكَرْت مَا قَرَّرْته اعْتِذَارًا عَنْ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَأَيْت مَا يُقَوِّي ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ تِلْمِيذِهِ الشَّيْخِ الْفَقِيهِ الْأَبِيِّ لَمَّا ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ قَالَ وَهَذَا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعْرِيفٌ لِحَقِيقَتِهِ فِي الشَّرْعِ وَلَا تَجِدُ لِلْوَلَاءِ تَعْرِيفًا أَتَمَّ مِنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ بَيْنَ الْمُعْتَقِ وَالْمُعْتِقِ نِسْبَةً تُشْبِهُ نِسْبَةَ النَّسَبِ وَلَيْسَتْ بِهِ وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ رِقٌّ فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ فِي نَفْسِهِ وَالْمُعْتِقُ صَيَّرَهُ مَوْجُودًا كَمَا أَنَّ الْوَلَدَ كَانَ مَعْدُومًا وَالْأَبُ تَسَبَّبَ فِي وُجُودِهِ.
: بَابُ مَعْنَى مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» قَالَ هُوَ لِمَنْ ثَبَتَ الْعِتْقُ عَنْهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ قَوْلُهُ " هُوَ " أَيْ الْوَلَاءُ لِمَنْ ثَبَتَ الْعِتْقُ عَنْهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ تَعْرِيفًا لِلْوَلَاءِ كَمَا فَهِمَ بَعْضُهُمْ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ بِالْوَلَاءِ لِمَنْ يَكُونُ لَهُ وَمَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ هُوَ الْمُعَرَّفُ فَكَأَنَّهُ قَالَ مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ صِفَتُهُ إلَخْ وَمَنْ ثَبَتَ الْعِتْقُ عَنْهُ هُوَ الْجِنْسُ وَهُوَ يَشْمَلُ كُلَّ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ قَوْلُهُ " وَلَوْ بِعِوَضٍ " لِيَدْخُلَ فِيهِ وَلَاءُ الْمُقَاطَعَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ مَنْ