كِتَابُ الْحِرَابَةِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْحِرَابَةُ الْخُرُوجُ لِإِخَافَةِ سَبِيلٍ لِأَخْذِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ أَوْ خَوْفِهِ أَوْ لِذَهَابِ عَقْلٍ أَوْ قَتْلٍ خُفْيَةً أَوْ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ لَا لِإِمْرَةٍ وَلَا نَائِرَةٍ وَلَا عَدَاوَةٍ " الْحِرَابَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ حَارَبَ يُحَارِبُ مُحَارَبَةً وَحِرَابَةً وَمَدْلُولُهَا مَعْلُومٌ لُغَةً وَإِنَّهُ عَامٌّ فِي الْعُرْفِيِّ وَغَيْرِهِ وَفِي عُرْفِ الشَّرْعِ خَاصٌّ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ " الْخُرُوجُ " مَصْدَرٌ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِلْمَحْدُودِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ أَيْضًا (فَإِنْ قُلْت) الْمَحْدُودُ فِيهِ مُفَاعَلَةً وَالْحَدُّ فِيهِ فِعْلٌ لِوَاحِدٍ لَا مُفَاعَلَةٌ (قُلْتُ) إنَّمَا الْمُفَاعَلَةُ فِي مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَأَمَّا عُرْفه الشَّرْعِيُّ فَالْمُرَادُ مِنْهَا غَيْرُهُ وَهُوَ الْخُرُوجُ الْمَذْكُورُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ قَوْلُهُ " لِإِخَافَةِ سَبِيلٍ " الْخُرُوجُ جِنْسٌ وَلِإِخَافَةِ سَبِيلٍ فَصْلٌ أَخْرَجَ بِهِ الْخُرُوجَ لِغَيْرِ الْإِخَافَةِ لِلسَّبِيلِ وَالسَّبِيلُ هُوَ الطَّرِيقُ قَوْلُهُ " لِأَخْذِ مَالٍ " أَخْرَجَ بِهِ الْإِخَافَةَ لَا لِأَخْذِ مَالٍ بَلْ خَرَجَ لِإِخَافَةِ عَدُوٍّ كَافِرٍ وَيَتَعَلَّقُ بِالْإِخَافَةِ قَوْلُهُ " مُحْتَرَمٌ " أَخْرَجَ بِهِ الْإِخَافَةَ لِغَيْرِ الْمَالِ الْمُحْتَرَمِ كَمَالِ حَرْبِيٍّ أَوْ مَالٍ مُحَرَّمٍ مُجْمَعٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ فَخَرَجَ لِإِهْلَاكِهِ كَالْخَمْرِ قَوْلُهُ " بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ " يَتَعَلَّقُ بِأَخْذِ مَالٍ أَخْرَجَ بِهِ إذَا كَابَرَ بِغَيْرِ مُكَابَرَةِ قِتَالٍ قَوْلُهُ " أَوْ خَوْفِهِ " الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْقِتَالِ يَعْنِي إمَّا بِحُصُولِ قِتَالٌ أَوْ خَوْفٌ تَوَقَّعَهُ وَلَوْ لَمْ يَقَعْ قِتَالٌ.
قَوْلُهُ " أَوْ إذْهَابُ عَقْلٍ " لِيَدْخُلَ مَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِهَا وَالْخَنَّاقُونَ الَّذِينَ يَسْقُونَ النَّاسَ السَّيْكَرَانَ لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَهُمْ مُحَارِبُونَ قَوْلُهُ " أَوْ قَتَلَ خُفْيَةً " لِيَدْخُلَ بِهِ قَتْلُ الْغِيلَةِ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَمَّاهُ حِرَابَةً قَوْلُهُ " أَوْ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ " لِيَدْخُلَ مَنْ قَالَ لَا أَدْعُ هَؤُلَاءِ يَمْشُونَ إلَى الشَّامِ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ مَنَعَ مُجَرَّدَ قَطْعِ الطَّرِيقِ قَوْلُهُ " لَا لِإِمْرَةٍ إلَخْ " وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ وَأَخْرَجَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ الْحِرَابَةِ فَلِذَلِكَ زَادَهُ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا أَخَذَ رَجُلٌ مَالَ رَجُلٍ قَهْرًا ثُمَّ خَافَ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَا أَخَذَ فَقَتَلَهُ هَلْ هُوَ مُحَارِبٌ أَمْ لَا (قُلْتُ) نَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُحَارِبٍ قَالَ وَإِنَّمَا هُوَ مُغْتَالٌ