وَوَطْءُ الْأَبِ أَمَةَ ابْنِهِ لَا زَوْجَةَ ابْنِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ زِنًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي مَالِهِ لِلْحَدِيثِ «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَلَا شُبْهَةَ فِي زَوْجَتِهِ قَوْلُهُ " عَمْدًا " أَخْرَجَ بِهِ الْغَلَطَ أَوْ النِّسْيَانَ أَوْ الْجَهْلَ.
(فَإِنْ قُلْت) إذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فَمَا حَرُمَ بِالسَّنَةِ وَوَطْءُ الْوَطْءِ الْمَذْكُورُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا عَلَى قَوْلِهَا لِأَنَّ لَازِمَ الزِّنَا نَفْيٌ عَنْهُ لِنَفْيِ الْحَدِّ عَنْهُ وَإِنَّمَا فِيهِ الْعُقُوبَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِّ النِّكَاحِ مَا يَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالزِّنَا وَحَدُّهُ يَصْدُقُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّ فِيهِ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ (قُلْتُ) نَمْنَعُ كَوْنَهُ لَا شُبْهَةَ فِيهِ بَلْ شُبْهَةُ الْخِلَافِ هَلْ هُوَ زَانٍ أَوْ لَا وَقَدْ ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ (فَإِنْ قُلْتَ) تَقَدَّمَ فِي حَدِّ النِّكَاحِ أَنَّ مِنْ صِفَتِهِ فِي رَسْمِهِ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَاقِدُ عَالِمًا حُرْمَتَهَا إنْ حُرِّمَتْ بِالْكِتَابِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ حُرِّمَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَتْ بِزِنًا عَلَى قَاعِدَةِ الْمَشْهُورِ وَزِنًا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَهَلْ مَا نُسِبَ إلَيْهَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَ فِي النِّكَاحِ أَوْ مُخَالِفٌ (قُلْتُ) بَلْ ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِلْقَيْدِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِّ النِّكَاحِ وَتَقَدَّمَ مُعَارَضَةُ الْمُعْتَدَّةِ بِالْخَامِسَةِ عَلَى قَوْلِهَا.
(فَإِنْ قُلْت) الشَّيْخُ فِي الطَّهَارَةِ فِي حَدِّ مُوجِبِ الْغُسْلِ قَيَّدَ الْمَغِيبَ مِنْ الْحَشَفَةِ بِغَيْرِ خُنْثَى فَهَلْ يَلْزَمُ هُنَا ذَلِكَ أَوْ لَا يَلْزَمُ (قُلْتُ) لَمْ يَظْهَرْ عَنْهُ قُوَّةُ جَوَابٍ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَدِّ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ أَنْ يَطَأَ فَرْجَ آدَمِيٍّ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ مُتَعَمِّدًا فَيَتَنَاوَلُ اللِّوَاطَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوْرَدْت عَلَيْهِ أَسْئِلَةً وَاهِيَةً لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهَا وَأَشَارَ إلَى مَا أَطَالَ فِيهِ شَيْخُهُ هَذَا رَحِمَ اللَّهُ الْجَمِيعَ بِمَنِّهِ وَذَكَرَ الْأَشْبَهَ فِي الِاعْتِرَاضِ وَهُوَ خُرُوجُ زِنَا الْمَرْأَةِ الْمَوْطُوءَةِ لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةٌ لَا وَاطِئَةٌ وَأَجَابَ شَيْخُهُ بِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُمْكِنُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ غَايَةَ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّلَازُمِ التَّلَازُمُ فِي الْوُجُودِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ التَّلَازُمَ فِي الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ فِي التَّعْرِيفِ وَهَذَا حَقٌّ وَكَلَامُ صِدْقٍ ثُمَّ إنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ زَادَ بَعْدَ حَدِّهِ فَيَدْخُلُ اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي دُبُرِهَا وَفِي كَوْنِهِ زِنًا أَوْ لِوَاطًا قَوْلَانِ فَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ عَانَدَ بَيْنَ اللِّوَاطِ وَالزِّنَا وَتَقَدَّمَ لَهُ دُخُولُ اللِّوَاطِ تَحْتَ الزِّنَا فَيَكُونُ اللِّوَاطُ قِسْمًا مِنْ الزِّنَا وَقَسِيمًا لَهُ هَذَا خُلْفٌ وَبَيَانُ إيرَادِ مَا ذَكَرَ وَاضِحٌ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنْ قَالَ إنَّمَا يُرَدُّ فِي مَانِعِيَّةِ الْجَمْعِ وَالْخُلُوِّ.
قَالَ الشَّيْخُ هَذَا الْكَلَامُ ضَعِيفٌ جِدًّا لَا يَلِيقُ بِمِثْلِهِ لِوُضُوحِ امْتِنَاعِهِ فِي مَانِعَةِ الْجَمْعِ لِأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ الشَّيْءِ وَالْأَخَصِّ مِنْ نَقِيضِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ جُزْئِهَا