أَصْلًا أَحْرَى وَأَوْلَى وَكَذَلِكَ إذَا قَصَدَ فِعْلًا مُبَاحًا وَنَشَأَ عَنْهُ قَتْلُ آدَمِيٍّ وَغَيْرُ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْبَاجِيِّ كَلَامًا يَحْتَاجُ إلَى فَهْمٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لَنَا فِيهِ فَهْمٌ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْمُبْتَدَأِ فِي كَلَامِهِ خَبَرٌ وَنَظَرْت الْمُبَيَّضَةَ وَوَجَدَتْ فِيهَا مِثْلَ هَذَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يُسَهِّلُ فَهْمَهُ فَلْنَرْجِعْ إلَى شَرْحِ مَا فِي الْمُبَيَّضَةِ وَالِاهْتِمَامُ بِهِ أَوْجَبَ قَوْلَهُ مَا مُسَبَّبُهُ إلَى قَوْلِهِ لِفَاعِلِهِ مِثْلُ مَا قَدَّمْنَا قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ صِنْفِهِ الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْفِعْلِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخَطَأَ هُوَ مَا كَانَ الْفِعْلُ فِيهِ مُسَبَّبًا غَيْرَ مَقْصُودٍ لِفَاعِلِ الْفِعْلِ بِاعْتِبَارِ صِنْفِ الْفِعْلِ فَالْفِعْلُ إذَا كَانَ فِيهِ قَصْدُ قَتْلِ آدَمِيٍّ فَصَادَفَ غَيْرُهُ مُسَبَّبُهُ مَقْصُودٌ بِاعْتِبَارِ قَتْلِ صِنْفِ الْآدَمِيِّ فَهُوَ عَمْدٌ لَا خَطَأٌ بِخِلَافِ إذَا قَصَدَ قَتْلَ طَائِرٍ فَمَاتَ رَجُلٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِاعْتِبَارِ صِنْفِ الْفِعْلِ.
وَلَمَّا كَانَ شِبْهُ الْعَمْدِ يُقْصَدُ إخْرَاجُهُ وَلَا يَخْرُجُ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ غَيْرَ مَنْهِيٍّ عَنْهُ زَادَ ذَلِكَ وَهُوَ صِفَةٌ لِلْفِعْلِ فَخَرَجَ ذَلِكَ لَكِنْ أَشْكَلَ كَلَامُهُ لِمَا قَالَ فِيهِ الظَّاهِرُ خَطَأٌ فَتَأَمَّلْهُ لِأَنَّهُ مِنْ مَوَاقِفِ الْعَقْلِ وَهُنَا مَا يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَتَأَمَّلْ قَالَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ قِيلَ لِلشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الرَّسْمُ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ بَعْضِ صُوَرِ الْعَمْدِ فِيهِ وَهُوَ إذَا ضَرَبَهُ بِلَطْمَةٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِيهَا يُقْتَصُّ مِنْ الضَّارِبِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْبَاعِثَ لَهُ عَلَى اللَّطْمَةِ هُوَ السَّبَبُ لَا الضَّرْبُ سَبَبٌ فَتَأَمَّلْ هَذَا وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - السَّبَبُ الْعَرِيُّ عَنْ قَصْدِ التَّلَفِ إنْ كَانَ عَدَاءً فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مَنْ نَاوَلَ صَبِيًّا سِلَاحًا لَا يَقْدِرُ عَلَى مَسْكِهِ فَمَاتَ الصَّبِيُّ وَكَذَا إنْ نَاوَلَهُ حَجَرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى حَمْلِهِ وَكَذَا مَا هَلَكَ مِنْ سَائِقٍ أَوْ رَاكِبٍ وَقَائِدٍ وَتَأَمَّلْ هَذَا الْفَصْلَ وَمَا ذَكَرَ فِيهِ مِنْ الْمَسَائِلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ عَدَاءً إذَا لَمْ يَكُنْ السَّبَبُ فِيهِ عَدَاءً كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِهِ أَوْ فِي طَرِيقٍ فِي جَانِبِ حَائِطِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ فَلَا ضَمَانَ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ كُلُّ فِعْلٍ مَأْذُونٍ وَكَذَلِكَ مَنْ أَرْسَلَ نَارًا فِي أَرْضِهِ مَعَ أَمْنٍ مِنْهَا وَتَأَمَّلْ مَا فِي ذَلِكَ.