بِمَا ذَكَرَهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (فَإِنْ قُلْتَ) الْوَقْتُ الْمُقَسَّمُ لَيْسَ هُوَ الْوَقْتَ الْعُرْفِيَّ عِنْدَ الشَّيْخِ فِي رَسْمِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ لِأَنَّ مُرَادَهُ إنَّمَا هُوَ أَوَّلُ زَمَنٍ يَصِحُّ فِيهِ إيقَاعُ الْعِبَادَةِ شَرْعًا وَلَيْسَ الْمُقَسَّمُ هُوَ هَذَا وَإِنَّمَا هُوَ الزَّمَنُ الَّذِي يَصِحُّ فِيهِ إيقَاعُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ (قُلْتُ) يَأْتِي ذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ يَحْصُلُ التَّمْيِيزُ مِنْ ذَلِكَ لِلْوَقْتِ الشَّرْعِيِّ الْمُقَسَّمِ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) الشَّيْخُ إنَّمَا يَتَعَرَّضُ لِلْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ وَهَذَا الْعُرْفُ الْمَذْكُورُ عَلَى مَا سَيَأْتِي اصْطِلَاحٌ لِأَهْلِ الْوَقْتِ فَلَا مَدْخَلَ لِتَعْرِيفِهِ عَلَى مَا شَرَطَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوَّلَ اخْتِصَارِهِ (قُلْتُ) هَذَا صَحِيحٌ لَكِنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَاحْتَاجَ إلَى رَسْمِهِ كَمَا ذَكَرَهُ (فَإِنْ قُلْتَ) وَهَلَّا عَرَّفَ الْوَقْتَ الشَّرْعِيَّ كَمَا أَشَرْتَ إلَيْهِ وَيَذْكُرُ الرَّسْمَيْنِ عُمُومًا وَخُصُوصًا.
(قُلْتُ) يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْوَقْتَ الشَّرْعِيَّ يُؤْخَذُ مِنْ رَسْمِهِ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ بِاللُّزُومِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ فَلْنَرْجِعْ إلَى رَسْمِهِ فِيمَا رَأَيْته جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْوَقْتِ وَبِالْحَقِيقَةِ إنَّمَا يُحَقِّقُهُ فَهْمًا مَنْ مَارَسَ الْعَمَلَ بِالْآلَاتِ لَكِنْ لَا نُخْلِي تَبَيُّنَهُ فِيمَا فَهِمْنَا مِنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ شَاهَدْنَاهُ فَنَقُولُ قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " كَوْنُ الشَّمْسِ " إلَخْ فَقَوْلُهُ عُرْفًا قَدْ قَدَّمْنَا سِرَّهُ وَهُوَ نُصِبَ عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِضِ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ عُرْفِ اللُّغَةِ وَالْفُقَهَاءِ فِي الْوَقْتِ وَقَصَدَ بِهِ عُرْفَ أَهْلِ الْوَقْتِ وَالنَّجَّامَةِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) مَا هُوَ عُرْفُ الْفُقَهَاءِ فِي الْوَقْتِ وَمَا هُوَ عُرْفُ أَهْلِ النَّجَّامَةِ (قُلْتُ) الَّذِي كَانَ يَمْضِي لَنَا فِيهِ أَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الزَّمَنُ الَّذِي يَصِحُّ فِيهِ إيقَاعُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ الْمُقَدَّرُ لَهُ أَوَّلًا وَآخِرًا فَأَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ زَمَنُ أَخْذِ الِارْتِفَاعِ فِي النَّقْصِ بَعْدَ غَايَتِهِ وَآخِرُهُ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ وَآخِرُ وَقْتِهِ الِاصْفِرَارُ وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ زَمَنُ مَغِيبِ قُرْصِ الشَّمْسِ وَوَقْتُ الْعِشَاءِ أَوَّلُ زَمَنِ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَآخِرُهُ ثُلُثُ اللَّيْلِ وَوَقْتُ الصُّبْحِ أَوَّلُ زَمَنِ مُدَّةِ الْفَجْرِ وَآخِرُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ. وَوَقْتُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عِنْدَ الْمُنَجِّمِ أَوْ الْمُوَقِّتِ هُوَ أَوَّلُ زَمَنٍ يَصِحُّ فِيهِ إيقَاعُ الْعِبَادَةِ الْمَفْرُوضَةِ الْمُتَعَيِّنَةِ لَهُ، فَهَذَا الْوَقْتُ أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْآلَةِ النُّجُومِيَّةِ وَاصْطِلَاحَاتِ مَعْرِفَةِ الْأَلْقَابِ الْوَقْتِيَّةِ وَلَمَّا كَانَ قَصْدُ الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الثَّانِي عَلَى مَا فَهِمَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْعَارِفِينَ بِهَذَا الْفَنِّ ذَكَرَ فِيهِ مَا رَأَيْت مِنْ الدَّرَجَةِ وَالنَّظِيرِ وَدَائِرَةِ الْأُفُقِ وَأَوْرَدَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْعِلْمِ سُؤَالًا قَالَ فِيهِ إنْ صَحَّ مَا فَهِمْتُمْ عَلَيْهِ كَلَامَ الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَنَّ قَصْدَهُ الْمَعْنَى