صِفَةٌ مَظِنَّةٌ لِمَنْعِ مَوْصُوفِهَا الْبِدْعَةَ وَمَا يَشِينُهُ عُرْفًا وَمَعْصِيَةً غَيْرَ قَلِيلِ الصَّغَائِرِ " قَوْلُهُ " صِفَةٌ " أَطْلَقَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْعَدَالَةِ صِفَةً وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا الْآمِدِيُّ هَيْئَةً رَاسِخَةً وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا ابْنُ الْحَاجِبِ مُحَافَظَةً وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ قَرِيبَةٌ مِنْ عِبَارَةِ الْفِهْرِيِّ فِي قَوْلِهِ مَعْنًى وَالصِّفَةُ الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ الصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ ثُمَّ وَصَفَهَا بِالْمَظِنَّةِ أَيْ ذَاتِ مَظِنَّةٍ أَيْ أَنَّهَا جَامِعَةٌ ضَابِطَةٌ لِمَعْنَى الْحِكْمَةِ كَمَا يُقَالُ التَّعْلِيلُ بِالْمَظِنَّةِ أَشْمَلُ مِنْ الْحِكْمَةِ وَيُقَالُ السَّفَرُ عِلَّةٌ فِي الْقَصْرِ وَهُوَ أَجْمَعُ مِنْ الْحِكْمَةِ الَّتِي هِيَ الْمَشَقَّةُ فَالصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا تَشْتَمِلُ فِي غَالِبِهَا عَلَى مَنْعِ مَوْصُوفِهَا مِنْ الْبِدْعَةِ وَالْبِدْعَةُ مَعْلُومَةٌ شَرْعًا وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُحْدَثُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ كُلُّ مُحْدَثٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ لَا يُقَالُ إنَّ الْبِدْعَةَ مُقَسَّمَةٌ إلَى أَقْسَامِ الشَّرْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدٍ فِي الرَّسْمِ لِأَنَّا نَقُولُ أَشَارَ إلَى مَا فِي الْحَدِيثِ وَهِيَ الْبِدْعَةُ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى النَّارِ.
وَقَوْلُهُ " لِمَنْعِ " مُتَعَلِّقٍ بِالْمَظِنَّةِ وَالْبِدْعَةُ مَفْعُولَةٌ بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ وَقَوْلُهُ " وَمَا يَشِينُهُ " الشَّيْنُ هُوَ الْعَيْبُ قَوْلُهُ " عُرْفًا " أَشَارَ بِهِ إلَى السَّلَامَةِ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ كَأَكْلٍ فِي السُّوقِ أَوْ مَشْيٍ بِالْحَفَا مِنْ أَهْلِ الْمُرُوءَةِ (فَإِنْ قُلْتَ) الْمُرُوءَةُ مَجْهُولَةٌ لِسَامِعِهَا (قُلْتُ) عُرْفُهَا بَعْدُ بِقَرِيبٍ قَوْلُهُ عُرْفًا عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِضِ وَأَخْرَجَ بِهِ مَا لَا يَشِينُهُ فِي عُرْفِهِ وَالْعُرْفُ فِي ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْبِقَاعِ وَالْأَمَاكِنِ وَالْحَالِ وَالزَّمَانِ فَإِنَّ مَنْ مَشَى مِنْ أَهْلِ الصُّوفِيَّةِ حَافِيًا لَا قَدْحَ فِيهِ وَمَنْ مَشَى مِنْ أَهْلِ الْحَاضِرَةِ أَوْ غَيْرِهَا كَذَلِكَ قُدِحَ قَوْلُهُ " وَمَعْصِيَةً " الْمَعْصِيَةُ تَعُمُّ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ قَوْلُهُ " غَيْرَ قَلِيلِ " أَخْرَجَ بِهِ الْقَلِيلَ مِنْ الصَّغِيرَةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ ضَارٍّ فِي الْعَدَالَةِ وَغَيْرَ قَلِيلٍ نُصِبَ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَعْصِيَةٌ (فَإِنْ قُلْتَ) الْبِدْعَةُ تَكُونُ فِي الْعَقِيدَةِ وَفِي غَيْرِهَا وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْحَرُورِيُّ وَغَيْرُهُ كَالْقَدَرِيِّ (قُلْتُ) نَعَمْ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا اقْتَصَرَ عَلَى مَنْعِ الْمَعْصِيَةِ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْبِدْعَةِ وَمَا مَنَعَ الْأَعَمَّ مَعَ الْأَخَصِّ وَالْمَعْصِيَةُ أَعَمُّ مِنْ الْكُفْرِ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةً فَإِذَا قَرَّرْنَا ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ أَوْ الْأَعَمِّ عَلَى الْأَخَصِّ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ وَمَوْضِعُ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِطْنَابِ وَالْحُدُودِ وَالرُّسُومِ يَجْتَنِبُ فِيهَا الْإِطْنَابَ وَالْإِكْثَارَ وَيَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى الِاخْتِصَارِ وَلِذَا قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُنَا فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَطْوَلُ مِنْ هَذَا الْحَدِّ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي فِقْهَيْهِ إلَخْ.
(قُلْت)