الْمُمَاثِلَةِ لِمَسْأَلَةِ الْقِرَاضِ وَبِأَنَّهَا مِنْ الْمُسَاقَاةِ وَتَرَدَّدَ هُنَاكَ فِي الْقِرَاضِ وَالْجَارِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْقِرَاضِ أَنْ يَحُدَّ هُنَا بِحَدِّهِ الْأَوَّلِ فَيَقُولُ تَمْكِينٌ كَمَا قَالَ فِي الْقِرَاضِ (قُلْت) ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمُسَاقَاةِ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا مِنْ الْمُسَاقَاةِ وَسَمَّاهَا بِهَا وَالْأُولَى لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّسْمِيَةِ وَلَكِنَّهُ جَوَّزَهَا فَاخْتَلَفَ فِيهَا فَلِذَلِكَ وَقَعَ لِلشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا رَأَيْته فِيهَا وَهَذَا مِنْ حُسْنِ فِطْرَتِهِ وَتَمَامِ قُوَّةِ بَلَاغَةِ فَهْمِهِ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ وَنَفَعَ بِعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ، قَوْلُهُ " لَا بِلَفْظِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ " أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ بِأَحَدِ مَا ذَكَرَ وَتَقَدَّمَ فِي الْقِرَاضِ بَسْطُهُ.
(فَإِنْ قُلْت) قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْقِرَاضِ لَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ فَقَطْ وَهُنَا قَدْ رَأَيْت مَا رَأَيْت (قُلْت) يُمْكِنُ فِي الْجَوَابِ بِمَا فِيهِ تَكَلُّفٌ لَا يَخْفَى وَأَنْ يَكُونَ هُنَا عَبَّرَ بِالْبَيْعِ الَّذِي يَعُمُّ الْإِجَارَةَ وَهُوَ الْبَيْعُ الْأَعَمُّ وَأَنَّهُ خَيَّرَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرِيَ إمَّا أَنْ يَذْكُرَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَاقْتَصَرَ فِي الْقِرَاضِ عَلَى لَفْظِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيْعِ وَفِيهِ بُعْدٌ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَدَّ عَلَى شَيْخِهِ فِي كَوْنِهِ اسْتَعْذَرَ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّهُ لَمْ يَحُدَّ الْمُسَاقَاةَ وَذَكَرَ مَا ذَكَرَ، ثُمَّ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ لَمْ يُعَرِّفْهَا ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ رَسْمَهُ لِلْقِرَاضِ بِأَنَّهُ إجَارَةٌ عَلَى التَّجْرِ فِي الْمَالِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ يَدُلُّ عَلَى رَسْمِ الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّهَا إجَارَةٌ عَلَى عَمَلِ الْحَائِطِ بِجُزْءٍ مِنْ غَلَّتِهِ وَهِيَ كَالْمَعْلُومَةِ ضَرُورَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ (قُلْت) وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ كَالْمَعْلُومَةِ ضَرُورَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ فِيهِ شِبْهَ تَدَافُعٍ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَلِذَا لَوْ قَالَ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ إلَخْ؛ لَكَانَ أَنْسَبَ وَفِيهِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَوْ كَانَ حَدُّ الْقِرَاضِ يَدُلُّ عَلَى الْمُسَاقَاةِ لَدَلَّ عَلَيْهِ بِإِحْدَى ثَلَاثَةٍ وَهُوَ بَاطِلٌ ضَرُورَةَ انْحِصَارِ الدَّلَالَةِ فِي الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاضَ لَيْسَ هُوَ الْمُسَاقَاةَ، وَلَا الْمُسَاقَاةُ جُزْءٌ مِنْهُ وَالثَّالِثُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا لُزُومَ ذِهْنًا وَلَا خَارِجًا وَإِنْ أَرَادَ اللُّغَوِيَّ كَدَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَى الْفَاعِلِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الشَّرِيعَةِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
ثُمَّ رَدَّ حَدَّهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ لِخُرُوجِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ بِالْمُسَاقَاةِ عَلَى كُلِّ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَبْطَلَ رَسْمَ ابْنِ رُشْدٍ فِي قَوْلِهِ الْعَمَلُ فِي الْحَائِطِ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ وَأَنَّهُ يُبْطَلُ بِمَا أُبْطِلَ بِهِ رَسْمُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ وَيَبْطُلُ عَكْسُهُ بِتَصَوُّرِهَا قَبْلَ الْعَمَلِ قَالَ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ الْعَمَلُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ الْعَمَلِ لِوُجُودِ عَقْدِهَا قَالَ وَيَبْطُلُ طَرْدُهُ بِالْعَمَلِ كَذَلِكَ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسَاقَاةٍ إذْ لَا يُحْكَمُ