بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ الْأَخْذُ الْفِعْلِيُّ وَذَلِكَ مُنَافٍ لِلسُّكُوتِ وَقَسِيمِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(الْوَجْهُ الثَّانِي) مِنْ الْبَحْثِ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّكْمِلَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا أَلْزَمَهُ مِنْ اجْتِمَاعِ النَّقِيضَيْنِ فِي قَوْلِهِ إنَّ الْمَعْرُوضَ لِشَيْئَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ لَوْ كَانَ عَيْنَ أَحَدِهِمَا لَزِمَ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ غَيْرُ وَاضِحٍ قَالَ بَلْ إنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَعْرُوضُ لِشَيْئَيْنِ بِقَيْدِ الْمَعِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِ وَإِنَّمَا اللَّازِمُ عَلَى مَا قَالَ كَوْنُ الْمَعْرُوضِ أَعَمَّ غَيْرُ أَعَمَّ؛ لِأَنَّ عَيْنَ أَحَدِهِمَا لَا يَصْدُقُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا يَحْتَمِلُهُ وَالْمَعْرُوضُ مُسَاوٍ لَهُ فَيَلْزَمُ عَدَمُ تَنَاوُلِهِ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ فَرَضْنَاهُ أَعَمَّ. هَذَا خُلْفٌ أَلَا تَرَى أَنَّ التَّصْدِيقَ أَعَمُّ مِنْ عَارِضِيَّةِ اللَّذَيْنِ هُمَا السَّلْبُ وَالْإِيجَابُ وَاللَّوْنُ أَعَمُّ مِنْ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ وَإِنَّمَا اللَّازِمُ مَا قُلْنَاهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الِاجْتِمَاعُ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ بِقَيْدِ الِاجْتِمَاعِ قَالَ فَتَأَمَّلْهُ بِالْإِنْصَافِ لَا بِالْمَيْلِ وَالِاعْتِسَافِ، ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا جَرَى فِي كَلَامِنَا الْبَيَاضُ وَالسَّوَادُ؛ لِأَنَّ قَصْدَنَا مِثَالٌ نُمَهِّدُ بِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّصْدِيقِ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ ثَبَتَ فِي النَّقِيضَيْنِ هَذَا مَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ قَصَدَ الْقَدْحَ فِي الْمُلَازَمَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ بَيَانُهَا وَأَنَّ الْمُلَازَمَةَ لَا يَصْدُقُ مَعْنَاهَا كُلِّيًّا عَامًّا وَإِنَّمَا تَصْدُقُ جُزْئِيَّةً فَالْقَصْدُ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَالْمَعِيَّةُ لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ بَلْ الْعَارِضَانِ لِلْمَعْرُوضِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ.
(قُلْت) وَهُوَ كَلَامٌ لَمْ يَظْهَرْ بِوَجْهٍ وَلِذَا صَاحِبُ تَكْمِلَةِ التَّكْمِلَةِ لَمَّا ذَكَرَهُ قَالَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ لَا عَلَى الْمَعِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ كَلَامُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صَوَابٌ وَقَرَّرَهُ بِمَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَعْرُوضَ إذَا فَرَضْنَاهُ عَيَّنَ أَحَدَ الْعَارِضَيْنِ، فَأَمَّا أَنْ يُمْكِنَ عُرُوضُ الْعَارِضِ الْآخَرِ أَمْ لَا فَإِنْ أَمْكَنَ عُرُوضُهُ لَهُ، وَقَدْ فَرَضْنَاهُ مُنَافِيًا لِلْعَارِضِ الْآخَرِ فَقَدْ اجْتَمَعَ النَّقِيضَانِ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ عُرُوضُهُ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ عَوَارِضِهِ وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ مِنْ عَوَارِضِهِ هَذَا خُلْفٌ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ الْوَانُّوغِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ التَّصْدِيقِ عَيْنَ الْإِيجَابِ تَنَاقُضًا إلَخْ فَكَلَامٌ ضَعِيفٌ لَا يَخْفَى ضَعْفُهُ عَلَى مَنْ لَهُ مُشَارَكَةٌ فِي الْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ وَهَذَا الرَّدُّ ظَاهِرٌ كَمَا ذَكَرَ الرَّادُّ
(فَإِنْ قُلْت) عَلَى تَسْلِيمِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَتَقَرَّرُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ أَعَمَّ غَيْرَ أَعَمَّ يَتِمُّ مُرَادُ الشَّيْخِ مِنْ اجْتِمَاعِ النَّقِيضَيْنِ؛ لِأَنَّ أَعَمَّ نَقِيضُهُ لَا أَعَمَّ، فَقَدْ اجْتَمَعَ النَّقِيضَانِ إذَا كَانَ الْمَعْرُوضُ الْأَعَمُّ عَيْنَ أَحَدِ الْمُتَضَادَّيْنِ بِمَا قَرَّرْنَا فَنَقُولُ: الشُّفْعَةُ أَعَمُّ مِنْ الْأَخْذِ وَعَدَمِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ عَيْنَ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَكَانَتْ أَعَمُّ غَيْرَ أَعَمَّ وَهُوَ مُتَنَاقِضٌ.