الْوَدِيعَةُ وَفِيهِ نَظَرٌ أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا وَمَسْأَلَةُ الْغَصْبِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ الشَّبَهِ فِيهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
(فَإِنْ قِيلَ) كَلَامُ الشَّيْخِ هُنَا فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَوْضِعِ الضَّمَانِ يَشْهَدُ لِمَنْ خَالَفَ (قُلْت) لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَخْصِيصِ لَفْظٍ بِمَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ نَظِيرِ النَّازِلَةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ.
(ع ر ي) : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
كِتَابُ الْعَارِيَّةِ
قَالَ ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ الْعَارِيَّةَ بِالتَّشْدِيدِ مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ قَالَ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٍ قَالَ يُقَالُ هُمْ يَتَعَوَّرُونَ الْعَوَارِيَّ بَيْنَهُمْ وَقِيلَ مُسْتَعَارًا بِمَعْنَى مُتَعَاوَرٌ أَيْ مُتَدَاوَلٌ وَفِي بَعْضِ حَوَاشِي الصِّحَاحِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا مِنْ الْعَارِ وَإِنْ كَانَ قَدْ قِيلَ فَلَيْسَ هُوَ الْوَجْهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مِنْ التَّعَاوُرِ الَّذِي هُوَ التَّدَاوُلُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنْكَارَ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ بِأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ قَالَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقِيلَ يَتَعَيَّرُونَ لِأَنَّ عَيْنَهُ يَاءٌ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ نَقَلَ عَنْ ابْنِ سِيدَهْ أَنَّهُ قَالَ إنَّهَا مِنْ الْعَارِ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ وَرَدَّ بِهِ عَلَى ابْنِ السَّيِّدِ، ثُمَّ نَقَلَ مَا يَشْهَدُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ كَلَامِ الْمُحْكَمِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ يَتَعَوَّرُونَ الْعَوَارِيَّ وَحَيْثُ نَقَلَ إنَّمَا هُوَ مِنْ تَعَاقُبِ الْوَاوِ إلَى الْيَاءِ قَالَ الشَّيْخُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُعَاقَبَةِ (قُلْت) يَظْهَرُ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّمَا رَدَّ عَلَى الْجَوْهَرِيِّ حَيْثُ قَالَ إنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْعَارِ، ثُمَّ قَالَ يَتَعَوَّرُونَ فَذَكَرَ مَا يَشْهَدُ لِلْوَاوِ لَا لِلْيَاءِ وَهَذَا كَافٍ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْجَوْهَرِيِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَوْ صَحَّ أَنَّهَا مِنْ الْعَارِ لَقُلْت يَتَعَيَّرُونَ وَنَقَلْت ذَلِكَ لُغَةٌ وَالتَّالِي بَاطِلٌ لِقَصْرِ نَقْلِك عَلَى مَا ذَكَرْت لَكِنْ تَأَمَّلْت لَفْظَ الشَّيْخِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَوَجَدْته لَيْسَ مَعْنَاهُ ذَلِكَ بَلْ مَعْنَاهُ مَا فَهِمَ الشَّيْخُ عَنْهُ مِنْ إنْكَارِ مَادَّةِ الْيَاءِ فَصَحَّ اعْتِرَاضُهُ عَلَيْهِ.
(فَإِنْ قُلْت) الْعَارِيَّةُ مَا وَزْنُهَا وَالْيَاءُ الْمُشَدَّدَةُ فِيهَا مَا أَصْلُهَا وَالْيَاءُ الْمَذْكُورَةُ مَا هِيَ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَرِيَّةِ (قُلْت) ، أَمَّا وَزْنُهَا فَذَكَرَ الشَّيْخُ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ فِعْلِيَّةً وَإِنَّهَا مِنْ التِّعْوَارِ فَأَصْلُهَا عَوَرِيَّةٌ تَحَرَّكَ حَرْفُ الْعِلَّةِ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهُ فَقُلِبَتْ الْفَاءُ وَالْيَاءُ عَلَى هَذَا لِلنَّسَبِ وَالتَّاءُ لِلتَّأْنِيثِ كَمَا يُقَالُ هَاشِمِيَّةٌ وَيَاءُ النَّسَبِ إنَّمَا