شَيْءٍ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِلْكٌ يُنْقَلُ فِي الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَقَالَ فِي الْمَعْنَى الِاسْمِيِّ يُنْتَقَلُ عَلَى مَا رَأَيْته فِي النُّسْخَةِ وَالْجَارِي عَلَى عَادَتِهِ يُنْقَلُ فِيهِمَا (قُلْت) هَذَا عَرَضٌ لَنَا فِي أَقْرَاءِ الْمُدَوَّنَةِ فِي ذِكْرِ رَسْمِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ عَنْهُ قُوَّةُ جَوَابٍ.
(فَإِنْ قُلْت) يَظْهَرُ سُؤَالٌ عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ فِي الْمَعْنَى الِاسْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَهُ قَالَ وَهُوَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْحَقِيقَةُ الْعُرْفِيَّةُ فَنَقُولُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَتَعَرَّضُ لِرَسْمِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ؛ لِأَنَّ الْفَقِيهَ لَمْ يُطْلِقْهُ عَلَيْهِ عُرْفًا كَمَا قَالَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي خُطْبَتِهِ أَنَّهُ إنَّمَا تَعَرَّضَ لِلْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ فِي مُخْتَصَرِهِ (قُلْت) وَقَعَ الْجَوَابُ عَنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْوَدِيعَةَ بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا قَصْدًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِالْعَرَضِ لِيَتِمَّ لَهُ رَدُّهُ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي كَوْنِهِ عَرَّفَهَا بِقَوْلِهِ اسْتِنَابَةٌ إلَخْ كَمَا نَذْكُرُهُ وَلَا يُقَالُ إنَّ قَوْلَ الشَّيْخِ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ مَا ذَكَرَ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ اسْتَعْمَلُوا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيَّ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا بَعْدَ حَدِّهِمْ الْوَدِيعَةَ قَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً وَمَنْدُوبَةً وَمُحَرَّمَةً وَمُتَعَلِّقُ الْحُكْمِ لَيْسَ هُوَ الْمَعْنَى الِاسْمِيُّ قَطْعًا لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ وَإِنْ وُجِدَ فَهُوَ لِقَرِينَةٍ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ.
(فَإِنْ قُلْت) لِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَقُلْ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ حَدَّهَا اسْمًا كَذَا وَوَقَعَ لَهُ مِثْلُ هَذَا فِي الْعَارِيَّةِ اُنْظُرْهَا وَمَصْدَرًا كَذَا وَهُوَ أَخَصْرُ.
(قُلْت) تَقَدَّمَ لِي هَذَا السُّؤَالُ فِي الْقَدِيمِ وَوَقَعَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ الْحَاضِرِينَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ أَصْلُهَا فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٌ وَلَيْسَتْ مَصْدَرًا وَلَا اسْمَ مَصْدَرٍ وَلَكِنْ إذَا أُرِيدَ بِهَا قَصْدُ الْمَصْدَرِ كَانَ رَسْمُهَا كَذَا وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيُّ كَانَ رَسْمُهَا كَذَا، وَإِنَّمَا يُقَالُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ إذَا كَانَ اللَّفْظُ مَصْدَرًا أَوْ اسْمَ مَصْدَرٍ وَوَقَعَ الْإِقْنَاعُ بِهَذَا الْجَوَابِ، ثُمَّ وَجَدْنَا مَا يَرُدُّهُ مِنْ عَادَةِ الشَّيْخِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِّ الْعَارِيَّةِ اسْمًا وَمَصْدَرًا وَلَفْظُهَا لَيْسَ مَصْدَرًا وَلَا اسْمَ مَصْدَرٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.
(فَإِنْ قُلْت) إذَا أَوْدَعَ مُسْلِمٌ خِنْزِيرًا أَوْ خَمْرًا عِنْدَ مُسْلِمٍ فَلَا يَصْدُقُ الْحَدُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ فِيهِ بِوَجْهٍ (قُلْت) نَعَمْ نَقُولُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ وَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ وَدِيعَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَا يُقَالُ بِأَنَّ الرَّسْمَ لِلصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ حَيْثُ جَرَى الْعُرْفُ بِإِطْلَاقِ لَفْظِ الْوَدِيعَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَازِمَ الْوَدِيعَةِ وُقُوعُ الْحِفْظِ فِي الْمُودِعِ وَهَذَا لَا حُرْمَةَ لَهُ فَلَا حِفْظَ لَهُ وَلَا يُقَالُ بِأَنَّهُمْ قَدْ قَالُوا بِأَنَّ الْغَاصِبَ إذَا غَصَبَ شَيْئًا، ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَإِنَّ الْوَدِيعَةَ هُنَا حَرَامٌ فَقَدْ أَشْبَهَ ذَلِكَ مَا ذَكَرَ فِي الْخَمْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْخَمْرُ