الْحِفْظَ لَك، وَأَمَّا فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ وَتُطْلَقُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَعَلَى الِاسْمِ كَمَا قَدَّمَ الشَّيْخُ ذَلِكَ مِرَارًا.
(فَإِنْ قُلْت) إذَا تَقَرَّرَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ إنَّهَا تَرِدُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ فَهَلَّا قَالَ حَدُّهَا مَصْدَرًا وَحَدُّهَا اسْمًا (قُلْت) قَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ إلَى مَعْنَى ذَلِكَ لَا إلَى لَفْظِهِ كَمَا يُرَدُّ عَلَيْك مِنْ كَلَامِهِ.
(فَإِنْ قُلْت) قَدْ قَرَّرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَهَا مَعْنًى عَامٌّ وَلَهَا مَعْنًى خَاصٌّ وَإِنَّ مَعْنَاهَا الْخَاصُّ مَا يَخُصُّ مَحَلُّهَا هُنَا وَمَعْنَاهَا الْعَامُ يَصْدُقُ عَلَى مَسَائِلَ مِنْ النِّيَابَةِ فِي حِفْظِ الْوَلَدِ وَالْأَمَانَاتِ وَالْأَمَةِ وَالْإِجَارَاتِ وَغَيْرِهَا فَهَلَّا قَالَ الشَّيْخُ أَيْضًا، أَمَّا حَدُّهَا الْعَامُّ، وَأَمَّا حَدُّهَا الْخَاصُّ كَمَا فَعَلَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْحَقَائِقِ (قُلْت) الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ صَرَّحَ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ لَا الْعُرْفِيِّ الشَّرْعِيِّ فَلِذَلِكَ لَمْ يَخُصَّ الْعَامَّ بِرَسْمٍ (قُلْت) وَهَذَا وَاضِحٌ فِي حِفْظِ الْوَلَدِ فَلَا يَصِحُّ فِي حِفْظِ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِي الرَّسْمِ وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ أَدْخَلَهَا وَذَكَرَ كَلَامًا فِيهِ بَحْثٌ إذَا تَأَمَّلْته لِأَنَّ الْمَقْصِدَ الْعُرْفِيَّ الْوَدِيعَةِ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ يَعْنِي الْوَدِيعَةَ فَالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ قَالَ نَقْلُ مُجَرَّدِ حِفْظِ مِلْكٍ يُنْقَلُ قَوْلُهُ " نَقْلُ " مُنَاسِبٌ لِلْمَحْدُودِ وَهُوَ جِنْسٌ لَهُ قَوْلُهُ مُجَرَّدُ حِفْظٍ وَلَمْ يَقُلْ حِفْظُ لِيُخْرِجَ مَا فِيهِ نَقْلُ الْحِفْظِ مَعَ التَّصَرُّفِ كَالْوَكَالَةِ، وَأَمَّا الْوَدِيعَةُ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا مُجَرَّدُ الْحِفْظِ فَقَطْ وَيَخْرُجُ الْإِيصَاءُ.
(فَإِنْ قُلْت) عَادَتُهُ إذَا قَصَدَ الْخُصُوصِيَّةَ فِي مَعْنَى أَنْ يَذْكُرَ لَفْظَةَ فَقَطْ وَهُوَ أَخَصْرُ مِنْ مُجَرَّدُ فَلَوْ قَالَ نَقْلُ حِفْظِ مِلْكٍ فَقَطْ يُنْقَلُ لَصَحَّ وَكَانَ أَخَصْرَ مِنْ مُجَرَّدٍ (قُلْت) لَوْ قَالَ نَقْلُ حِفْظِ مِلْكٍ فَقَطْ رُبَّمَا أَوْهَمَ رُجُوعَهُ إلَى الْمِلْكِ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْحِفْظِ فَلِذَا ذَكَرَ لَفْظَةَ مُجَرَّدُ لِتَعْيِينِهَا وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ مِلْكِ إذَا أَوْدَعَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ لِحِفْظِهِ فَأَنَّهُ لَيْسَ وَدِيعَةً وَقَوْلُهُ " يُنْقَلُ " صِفَةٌ لِلْمِلْكِ وَأَخْرَجَ بِهِ مَا لَا يُنْقَلُ مِنْ الْأُصُولِ كَالرُّبْعِ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَدْخُلُ فِي الْحَدِّ إيدَاعُ الْوَثَائِقِ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ، قَالَ وَيَخْرُجُ حِفْظُ الْإِيصَاءِ
وَالْوَكَالَةُ لِأَنَّهُمَا لَا زَيْدَ مِنْهُ، يَعْنِي لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ الْمُخْرِجَةَ فِيهَا أَزْيَدُ مِنْ الْحِفْظِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْوَدِيعَةِ إنَّ خَاصَّتَهَا مُجَرَّدُ الْحِفْظِ قَالَ وَحِفْظُ الرُّبْعِ يَعْنِي أَنَّهُ خَارِجٌ كَمَا خَرَجَ مَا قَبْلَهُ لَكِنَّ مَخْرَجَهُ قَوْلُهُ يُنْقَلُ وَالرُّبْعُ لَا يُنْقَلُ فِيهِ وَيُخْرِجُ الْأَوَّلَ مَا ذَكَرْنَا وَلِذَا كَرَّرَ الشَّيْخُ الْحِفْظَ مَعَ الرُّبْعِ فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ وَبِمَعْنَى لَفْظِهَا، أَيْ الْوَدِيعَةُ حَدُّهَا بِمَعْنَى لَفْظِهَا الِاسْمِيِّ لَا مَعْنَى لَفْظِ الْإِيدَاعِ أَشَارَ إلَى مَعْنَاهَا الِاسْمِيِّ وَهُوَ الْمَعْلُومُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ