فَإِنَّهُ لَا نِيَابَةَ لَهُ وَالنِّيَابَةُ الْمَذْكُورَةُ أَصْلُهَا اسْمُ مَصْدَرٍ لَا إنْ كَانَتْ مِنْ نَوَّبَ مُضَعَّفِ الْعَيْنِ وَلَا إنْ أُخِذَتْ مِنْ نَابَ وَالظَّاهِرُ أَخْذُهَا مِنْ نَوَّبَ لِقَوْلِهِ ذِي حَقٍّ هُوَ الْمُنَوَّبُ، وَقَدْ رَأَيْت سُؤَالًا عَلَى ذَلِكَ أُورِدَ عَلَى الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَذْكُرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ " غَيْرِ ذِي إمْرَةٍ " أَخْرَجَ بِهِ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ وَالْخَاصَّةَ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: غَيْرِ إمْرَةٍ لَكَانَ أَخَصْرَ وَلَوْ أَسْقَطَ ذَلِكَ فِي الْحَدِّ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ ذَكَرَ لِفَائِدَةٍ لَمَا حَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي قَوْلُهُ " وَلَا عِبَادَةٍ " أَخْرَجَ بِهِ إمَامَةَ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ مُتَعَلِّقٍ بِنِيَابَةٍ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ قَوْلُهُ " غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ " إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ الْوَصِيَّ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِيهِ عُرْفًا وَكِيلٌ وَلِذَا فَرَّقُوا بَيْنَ فُلَانٍ وَكِيلِي وَوَصِيِّي وَهَذَا بَنَاهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ مِنْ تَحْقِيقِ خُصُوصِيَّتِهَا بِمَا ذَكَرَ مِنْ مَعْنَاهَا وَأَوْرَدَ لِلشَّيْخِ سُؤَالًا بِأَنَّ اللَّخْمِيَّ قَالَ تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ قَالَ الشَّيْخُ لَا يُقَالُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَكَالَةٌ فِي الْإِمْرَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَكَالَةٌ عَلَى فِعْلٍ لَا إمَارَةٍ فِيهِ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ تَلَامِذَتِهِ إنَّهُ قَالَ اعْتَرَضَ عَلَى رَسْمِ الْوَكَالَةِ بِأَنَّهَا غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ قَالَ بِالْإِجَارَةِ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا (وَأَجَابَ) بِأَنَّهَا وَكَالَةٌ لِأَنَّهُمْ قَسَّمُوا الْوَكَالَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ بِأَجْرٍ وَبِغَيْرِ أَجْرٍ (قُلْت) هَذَا سُؤَالٌ وَجَوَابٌ فِيهِمَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ الْمَحْدُودَةَ هِيَ الَّتِي تَرْجَمَ عَلَيْهَا الْفُقَهَاءُ وَهِيَ لَا تَصْدُقُ عَلَى الْإِجَارَةِ الَّتِي تَرْجَمَ عَلَيْهَا الْفُقَهَاءُ وَإِنْ وُجِدَتْ نِيَابَةٌ فِيهَا بِالِاسْتِلْزَامِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَقُولَةَ مُخْتَلِفَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ جِنْسُهَا عَقْدٌ وَالْوَكَالَةُ جِنْسُهَا نِيَابَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَرَأَيْت بِخَطِّ تَلَامِذَتِهِ مَا كَتَبَهُ مِمَّا أُورِدَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَدِّهِ لَهَا مَا مَعْنَاهُ أَوْرَدَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ، وَيُقَالُ إنَّهُ تِلْمِيذُهُ الْفَقِيهُ سَيِّدِي الْأَبِيُّ عَلَى شَيْخِهِ أَنَّ قَوْلَ الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نِيَابَةُ إلَخْ هَذَا مَصْدَرٌ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مُضَافًا إلَى فَاعِلِهِ أَوْ إلَى مَفْعُولِهِ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ، أَمَّا بَيَانُ بُطْلَانِ إضَافَتِهِ إلَى فَاعِلِهِ فَلِأَنَّ النِّيَابَةَ لَا تُعْقَلُ إلَّا فِي حَقِّ الْوَكِيلِ لَا فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُوَكَّلُ فَبَطَلَ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْفَاعِلِ، وَأَمَّا بُطْلَانُ الْإِضَافَةِ إلَى الْمَفْعُولِ فُلَانٍ فِي اللَّفْظِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ نِيَابَةُ ذِي حَقٍّ لِغَيْرِهِ تَمْنَعُ الْإِضَافَةَ إلَى الْمَفْعُولِ، وَقَدْ يُضَافُ لَا إلَى الْفَاعِلِ وَلَا إلَى الْمَفْعُولِ تَقُولُ الْعَرَبُ لَهُ صَوْتٌ صَوْتُ حِمَارٍ فَصَوْت مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِغَيْرِهِمَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ وَتَأَمَّلْ هَذَا الْجَوَابَ فَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى وَلَيْسَ الْمَصْدَرُ فِي الْآيَةِ وَلَا فِي الْمِثَالِ مِثْلُ الْحَدِّ إذَا تَأَمَّلْت ذَلِكَ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّ النِّيَابَةَ اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ التَّنْوِيبِ وَالْإِضَافَةِ لِلْفَاعِلِ وَلَا إحَالَةَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -