الْإِحْرَامُ بِهِ وَبِوُجُودِهِ فَالنِّيَّةُ يَنْعَقِدُ بِهَا الْإِحْرَامُ وَكَذَلِكَ التَّوَجُّهُ وَذَلِكَ كُلُّهُ سَبَبٌ فِي حُصُولِ الْإِحْرَامِ وَالسَّبَبُ غَيْرُ الْمُسَبَّبِ قَطْعًا كَمَا نَقُولُ الصَّلَاةُ لَهَا إحْرَامٌ وَتَكْبِيرُ إحْرَامٍ فَالتَّكْبِيرُ مَعَ النِّيَّةِ سَبَبٌ فِي حُصُولِ الْإِحْرَامِ وَالْإِحْرَامُ مُسَبَّبٌ فَاحْتَاجَ الشَّيْخُ الْمُحَقِّقُ لِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إلَى بَيَانِ حَقِيقَةِ الْإِحْرَامِ وَذَكَرَ سَبَبَهُ هَذَا مِنْ مَحَاسِنِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَزَارَةِ عِلْمِهِ فَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رَسْمِ الْإِحْرَامِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا حُرْمَةَ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا وَإِلْقَاءِ التَّفَثِ وَالطِّيبِ وَلُبْسِ الذُّكُورِ الْمَخِيطَ وَالصَّيْدِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لَا يَبْطُلُ بِمَا تَمْنَعُهُ
(أَقُولُ) الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَأَى أَنَّ الْإِحْرَامَ مَعْنًى حُكْمِيٌّ تَقْدِيرِيٌّ كَالطَّهَارَةِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلِذَا ذَكَرَ الْجِنْسَ لِيُنَاسِبَ الْمَحْدُودَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَقُولَتِهِ. وَقَوْلُهُ حُرْمَةٌ يَخْرُجُ بِهِ الطَّهَارَةُ وَهُوَ كَالْفَصْلِ. قَوْلُهُ مُقَدِّمَاتُ الْوَطْءِ إذَا حَرُمَ الْمُقَدِّمَاتُ حَرُمَ الْوَطْءُ وَلِذَا اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا قَالَ مُقَدِّمَةُ الْوَطْءِ وَهُوَ مُضَافٌ إلَى مُحَلًّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيَعُمُّ فَيَقُومُ مَقَامَ الْجَمْعِ وَهُوَ أَخْصَرُ (قُلْتُ) لَعَلَّهُ رَأَى أَنَّ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا فَصَرَّحَ بِمَا يُزِيلُ الْإِشْكَالَ فِي الْحَدِّ. قَوْلُهُ مُطْلَقًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ لَيْلًا وَنَهَارًا سِرًّا وَجِهَارًا كَانَ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ أَوْ فِي غَيْرِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْإِطْلَاقِ لَا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا بِخِلَافِ إلْقَاءِ التَّفَثِ وَالطِّيبِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَقْرَبُ وَلَوْ قَالَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا حُرْمَةَ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ مِنْ غَيْرِ قَيْدِ الْإِطْلَاقِ لَصَدَقَ فِي حَالَةِ الطَّوَافِ مَثَلًا فَصَدَقَ فِي إحْرَامِ الْحَجِّ أَنَّهُ أَوْجَبَ حُرْمَةَ الْمُقَدِّمَاتِ فَمَا وَقَعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَجِّ لَا يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ التَّحْرِيمِ فِيهِ إلَّا بِزِيَادَةٍ مُطْلَقًا أَيْ فِي جَمِيعِ حَالَاتِ الْحَجِّ قَوْلُهُ وَإِلْقَاءِ التَّفَثِ عَطْفٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالطِّيبِ كَذَلِكَ وَلُبْسِ الذُّكُورِ الْمَخِيطَ إلَى آخِرِهِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا زَادَ الذُّكُورَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَحْرُمُ فِي حَقِّهَا ذَلِكَ لِأَنَّ إحْرَامَهَا غَيْرُ إحْرَامِ الرَّجُلِ وَلِلشَّيْخِ فِي لَفْظِ إحْرَامِ الْمَرْأَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ بَحْثٌ حَسَنٌ. وَقَوْلُهُ وَالصَّيْدُ كَذَلِكَ فِي الْعَطْفُ وَمُرَادُهُ الِاصْطِيَادُ لَا مِلْكُ الصَّيْدِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ صَيْدٌ ثُمَّ أَحْرَمَ وَلَمْ يَكُنْ حَامِلُهُ لَا يَسْقُطُ مِلْكُهُ عَنْهُ فَفِيهِ مَا يُتَأَمَّلُ اُنْظُرْ مَا فِي الصَّيْدِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) أَطْلَقَ الصَّيْدَ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ صَيْدُ الْبَرِّ لَا الْبَحْرِ (قُلْتُ) رَأَى أَنَّ الصَّيْدَ الْمُطْلَقَ لَقَبٌ عَلَى صَيْدِ الْبَرِّ. قَوْلُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُمْنَعُ مَعَ الِاخْتِيَارِ كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ.