((لا حسد إلا في اثنتين)) جاءت النصوص الشرعية في الكتاب والسنة في ذم الحسد، وجاء ما يدل على أنه يأكل الحسنات، وأنه داء من أدواء القلب، ويحتاج إلى علاج، وأن القلب السليم المنجي النافع بريء من الحسد، وهنا النبي -عليه الصلاة والسلام- أثبت الحسد في مسألتين: ((لا حسد إلا في اثنتين)) الحسد إن كان الحاسد يتمنى زوال النعمة عن المحسود، فهذا هو المذموم، وإن كان الحاسد لا يتمنى زوال النعمة عن المحسود، بل يتمنى لنفسه نظير هذه النعمة فهذه هي الغبطة المحمودة الواردة في هذا الحديث، ((لا حسد)) يعني لا غبطة بأن يتمنى الإنسان أن يكون له مثل ما لفلان، ((لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله مالاً فسلطته على هلكته في الحق)) يعني يدور مع الحق حيثما دار من غير إسرافٍ ولا تقتير، يعطي فلاناً ويعطي فلاناً المحتاج، ويعطي .. ينفقه في سبيل الله، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث: ((ما يسرني أن لي مثل أحدٍ ذهباً تأتي عليّ ثالثة وعندي منه دينار، إلا ديناراً أرصده لدين، أقول به هكذا وهكذا وهكذا)) عن يمينه وشماله ويساره وأمامه ومن خلفه، هذه فائدة المال، أما المال يكنز ويدخر في البيوت ويراقب زاد وإلا نقص، هذا وبال على صاحبه، ما فائدة المال الذي إذا زاد شيئاً يسيراً احتاج صاحبه إلى علاج، إذا نقص شيئاً يسيراً احتاج إلى علاج، يراقب الشاشات زاد الضغط يحتاج إلى حبة هذه للضغط، نزل يحتاج إلى حبة سكر، هذا مال؟ هذا وبال على صاحبه، عذاب في الدنيا قبل الآخرة؛ لكن وجود المال الصالح عند الرجل الصالح ينفقه على المحتاجين، ينفع به نفسه، يقدمه لآخرته نعم، هذا المغبون، ((فسلطه الله على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها)) الحكمة إذا اقترنت مع القرآن، فالمراد بها السنة، وإذا تفردت شملت ما جاء في الكتاب والسنة، يعني رجلاً آتاه الله علماً شرعياً، مستمداً من كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- استفاد من هذا العلم في نفسه، وأفاد غيره، علمه الناس، وقضى بينهم، فقد تعلم، ثم عمل، ثم علّم، وبهذا استحق أن يكون ربانياً إذا كان مخلصاً لله -جل وعلا-، هذا الذي يستحق أن يحسد، هذا الذي يستحق أن يغبط،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015