نعم هذا الحديث العظيم الذي فيه أن سورة الإخلاص على قصرها تعدل ثلث القرآن، ولا شك أن هذا من فضل الله -جل وعلا-، ورحمته بعباده، ثلث القرآن كم تستغرق من الوقت؟ لو قرأ الواحد قل هو الله أحد عشر مرات، أو أكثر، أو مائة، ما تأخذ وقت، ومع ذلكم قراءتها مرة واحدة تعدل ثلث القرآن، والتمس أهل العلم لهذا التعديل وجه، فرأوا من ذلكم شيخ الإسلام ابن تيمية، وله مصنف في هذه المسألة، جواب أهل العلم والإيمان فيما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بأن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، مصنف نفيس، وله أيضاً تفسير سورة الإخلاص؛ لكن التعديل يرى جمع من أهل العلم أن القرآن مشتمل على أحكام، ومشتمل على قصص، ومشتمل على عقائد تتعلق بالله -جل وعلا-، وهذا هو أعظمها، وهو الذي اشتملت عليه هذه الآية، فما يتعلق بتوحيد الله -جل وعلا-، وإثبات ما يجب إثباته له، وإفراده بالوحدانية فهو الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، هذه تضمنته هذه السورة، وتضمن قسم آخر من القرآن الأحكام الشرعية الظاهرة والباطنة، وقسم ثالث اشتمل على القصص والأخبار التي ذكرت للعظة والاعتبار {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ} [(111) سورة يوسف] ما كان حديثاً يفترى، ما هو مجرد قصص وتسلية، لا، للعبرة والاعتبار، قد مضى القوم كما قال عمر -رضي الله عنه-: مضى القوم ولم يرد به سوانا، فعلينا أن نعتبر بما قصه الله -جل وعلا- في كتابه، وعلينا أن نعمل بما جاء في الكتاب من الأوامر والنواهي، وعلينا أن نعتقد ما تضمنه هذا الكتاب العظيم من عقائد فيما يتعلق بالله -جل وعلا- بأسمائه وصفاته وتنزيهه ومماثلة المخلوقين له.
الحديث الثامن والثمانون: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بها، ويعلمها)) [متفق عليه].