نعم، هذا الحديث يقول فيه -عليه الصلاة والسلام-: ((دعوني ما تركتكم)) لأن الله -جل وعلا- ترك بعض الأمور التي تشق على الناس من التكاليف من غير نسيان ولا غفلة، تركها رحمة بعباده، فإذا تُركوا عن حكم مسألةٍ من المسائل لا ينقب عنها، ويبحث عنها، فيحرم الحلال بسبب هذا السؤال، وجاء في الخبر: ((أشد الناس جرماً من سأل على شيء فحرم بسببه)) ((ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم)) بنو إسرائيل لما أمروا بذبح البقرة، لو قالوا: سمعنا وأطعنا، وذبحوا أول بقرة قابلتهم أجزأت عنهم، ودلت على سرعة امتثال؛ لكن ما هي؟ ما لونها؟ {إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} [(70) سورة البقرة] وأسئلة إلى أن ضيّق عليهم الأمر، ضيق عليهم الأمر، واشتد عليهم الطلب، ولم يجدوا هذه البقرة إلا بعد شق الأنفس بأغلى الأثمان؛ لكن من طبعهم التعنّت، ولذا تجدون في الامتثال، الامتثال بين شخص وشخص، يعني بون شاسع، يعني من أمر بذبح ابنه فتلّه للجبين، مباشرة، ابنه، وهذا فرق، وأمة بكاملها تؤمر بذبح بقرة {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} [(71) سورة البقرة] بنو إسرائيل أمة متعنّتة، متغطرسة، أصحاب أسئلة، وأصحاب حرج وعنت وضيق، فلا ينبغي للمسلم أن يشابههم في هذا، المسلم يستمع الحق ويعمل، فيستمع ما ينهى عنه فيكفّ، ((فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم)) يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((فإذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه)) نعم المناهي وما ينهى عنه ليس فيه مثنوية، خلاص نهيت كفّ، ((وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)) لأنه لا يتصور عدم الاستطاعة في المحظور، لا يتصور؛ لأن المحظور الأصل فيه عدمه، والعدم لا يستحيل في حق أحد، بينما الإيجاد، إيجاد الفعل قد يعجز عنه أو عن بعضه كثير من الناس، ولذا جاء: ((فإذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)) ولذا يقرر أهل العلم أن ارتكاب المحظور أعظم من ترك المأمور، أخذاً من هذا الحديث: ((إذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه)) بدون تردد، إذا أمرتكم بأمرٍ فانظروا هل تستطيعون أو لا تستطيعون؟ لأنه بالإمكان أن يقال: فإذا