بالغياثي أموراً وجوزها وأفتى بها والمالكية بعيدون عنها وجسر عليها وقالها للمصلحة المطلقة وكذكل الغزالي في شفاء الغليل مع أن الاثنين شدادا الإنكار علينا في المصلحة المرسلة.
الاستصحاب: ومعناه أن اعتقاد كون الشيء في الماضي أو الحاضر يوجب ظن ثبوته في الحال أو الاستقبال، فهذا الظن عند مالك والإمام المازني وأبي بكر الصيرفي رحمهم الله تعالى حجة خلافاً لجمهور الحنفية والمتكلمين. لنا أنه قضى بالطرف الراجح فيصبح كأروش الجنايات واتباع الشهادات.
حجة المنع: أن الاستصحاب أمر عام يشمل كلّ شيء وإذا كثر عموم الشيء كثرت مخصصاته وما كثرت مخصصاته ضعفت دلالته فلا يكون حجة.
والجواب: أن الظن الضعيف يجب اتباعه حتى يوجد معارضه الراجح عليه كالبراءة
الأصلية فإن شمولها يمنع من التمسك بها حتى يوجد رافعها.
البراءة الأصلية: وهي استصحاب حكم العقل في عدم الأحكام خلافاً للمعتزلة والأبهري وابي الفرج منا لنا: أن ثبوت العدم في الماضي يوجب ظن عدم ثبوته في الحال فيجب الاعتماد على هذا الظن بعد الفحص عن رافعه، وعدم وجوده عندنا وعند طائفة من الفقهاء.
المعتزلة بنوا على مسألة التحسين والتقبيح أن (?) كلّ ثابت بعد الشرع ثابت قبله بالعقل وقد تقدم حجاجهم وأجوبتها أول الكتاب وأما الجمهور منا فعلى عدم الحكم إلاّ بعد البعثة، وأما الأبهري وابو الفرج وجماعة من الفقهاء قالوا بالحظر مطلقاً وبالإباحة مطلقاً وقد تقدم تفصيل مذاهبهم وليس ذلك منهم موافقة للمعتزلة في تحكيم العقل بل قالوا بذلك لأدلة سمعية وردت فقالوا بذلك لأجلها فمن الوارد في الحظر قوله تعالى: «يسألونك ماذا أحل لهم» (?) وذلك يقتضي أن المتقدم التحريم على العموم، وكذلك قوله تعالى: «أحلت لكم بهيمة الأنعام إلاّ ما يتلى عليكم» (?) ومن الأدلة للإباحة قوله تعالى: «خلق لكم ما في الأرض جميعاً» وقوله تعالى: «أعطى كلّ شيء خلقه ثم هدى» ونحو ذلك مِمّا يدل على الإباحة العامة فهم سنية لا معتزلة.