في العلة القاصرة هو مع الحنفية منعوها وأجازها الجمهور، غير أن الفرق بين المحل والعلة القاصرة من حيث الصورة والمعنى لا من حيث جواز التعليل أن العلة القاصرة قد تكون وصفاً اشتمل عليه محل النصر لم يوضع اللفظ له، والمحل ما وضع اللفظ له، كوصف البرية مثلاً إذا قيل إن
البر اشتمل على نوع من الحرارة والرطوبة لاسم به مزاج الإنسان ملاءمة لا تحصل بين الإنسان والأرز، فإن الأرز حار يابس يبساً شديداً ينافي مزاج الإنسان، فحرم الربا في البر، ومنع بدل واحد منه باثنين لأجل هذه الملاءمة الخاصة التي لا توجد في غير البر، فهذا علة قاصرة لا محل، وأما وصف البرية بما هي برية فهو المحل، فلذلك حسن من الإمام تخريج التعليل بالمحل على التعليل بالعلة القاصرة، ولو كان شيئاً واحداً لم يحسن التخريج ولا التفريع، إذا ظهر لك الفرق بينهما فكل ما يذكر في العلة القاصرة من الحجاج بين الفريقين نفياً وإثباتاً فهو بعينه ههنا، فيكتفى بذلك عن ذكره ههنا.
الثاني: الوصف إن لم يكن منضبطاً جاز التعليل بالحكمة وفيه خلاف، والحكمة هي التي لأجلها صار الوصف علة، كذهاب العقل الموجب لجعل الإسكار علة.
ومن الحكمة اختلاط الأنساب، فإنه سبب جعل وصف الزنا سبب وجوب الجلد، وكضياع المال الموجب لجعل وصف السرقة سبب القطع.
حجة الجواز: أن الوصف إذا جاز التعليل به فأولى بالحكمة، لأنها أصله، وأصل الشيء لا يقصر عنه، ولأنها نفس المصلحة والمفسدة وحاجات الخلق، وهذا هو سبب ورود الشرائع، فالاعتماد عليها أولى من الاعتماد على الفرع.
حجة المنع: أنه لو جاز التعليل بالحكمة لما جاز التعليل بالوصف، لأن الأصل يعدل عنه إلى فرعه إلا عند تعذره، والحكمة ليست متعذرة، فلا يجوز العدول عنها فيعلل بها، ومتى علل بها سقط التعليل بالوصف، فظهر أنه لو صح التعليل بالحكمة لامتنع التعليل بالوصف، لكن المنع من الوصف خلاف إجماع القائسين ولأنه لو جاز التعليل بالحكمة (?) للزم تخلف الحكم عن علة وهو خلاف الأصل بيانه أن وصف الرضاع سبب حرمة النكاح، وحكمته أن جزء