غلب على الظن اعترافه لزم العمل به، وعامة الفقهاء جوازوا روايته وأنكرها المتكلمون، وقال بعض المحدثين ليس له أن يقول إلاّ أخبرني قراءة عليه.
وكذلك الخلاف لو قال القارئ للراوي بعد قراءة الحديث أرويه عنك قال نعم وهو السادس، وفي مثل هذا اصطلاح المحدثين وهو من مجازا التشبيه، شبه السكوت بالإخبار.
إذا غلب على الظن احترافه لزم العمل به لأن العمل بالظن واجب، غير أن هنا إشكالاً وهو أن مطلق الظن كيف كان لم يعتبره صاحب الشرع، بل ظن خاص عند سبب خاص، فما ضابط هذا الظن الحاصل هنا، فإن قلنا يكفي مطلق الظن ضعف من حيث القواعد، وإن قلنا المطلوب ظن خاص ضعف ضبطه، ووجه تجويز الرواية أمران: أحدهما قياساً على العمل، وثانيهما إن الظن حصل باعترافه فتجوز الرواية، كما لو قال نعم.
حجة المنع: أن الرواية هي التحمل والنقل، وهو لم يأذن في شيء فيتحمل عنه، والتحمل بغير سماع ولا ما يقوم مقام السماع لا يجوز، وقوله أخبرني قراءة عليه معناه أن إخباره لم يكن بإسماعي لفظاً من قبله، لأنه ساكت بل إخباري قراءة عليه، فكأنه فسر الإخبار بأنه قرأ عليه، فإن قراءة منصوب على التمييز والتمييز مفسر، وأما قوله نعم فهو أقوى من الأوّل لوجود التصريح بالجواب من حيث الجملة.
وسابعها: إذا قال له حدث عني ما في هذا الكتاب ولم يقل له سمعته، فإنه لا يكون محدثاً له وبه، وإنما أذن له في التحدث عنه.
وثامنها: الإجازة تقتضي أن الشيخ أباح له أن يحدث به، وذلك إباحة للكذب، ولكنه في عرف المحدثين معناه أن ما صح عندك أني سمعته فاروه عني، والعمل عندنا
بالإجازة جائز خلافاً لأهل الظاهر في اشتراطهم