والشهادات، والخلاف إنّما هو في كونه حجة في حق المجتهدين فالأكثرون على أنه حجة لمبادرة الصحابة رضوان الله عليهم إلى العمل به.
كون خبر الجماعة إذا أفاد الظن يسمى خبر الواحد هو اصطلاح لا لغة، وقد تقدم أول الباب أن الأخبار ثلاثة أقسام: تواتر وآحاد ولا تواتر ولا آحاد وهو خبر الواحد المنفرد إذا احتفت به القرائن حتى أفاد العلم، وجمهور أهل العلم على أن خبر الواحد حجة عند: مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وغيرهم.
قال القاضي عبد الوهاب في «الملخص» : اختلف الناس في جواز التعبد بخبر الواحد فقال به الفقهاء والأصوليون وخالف بعض المتكلمين، والقائلون في جواز التعبد به اختلفوا في وقوع التعبد به، فمنهم من قال: لا يجوز التعبد لأنه لم يرد التعبد به بل ورد السمع بالمنع منه. ومنهم من يقول: يجوز العمل به إذا عضده غيره ووجد أمر يقويه، ومنهم من يقول لا يقبل إلى خير اثنين فصاعداً إذا كانا عدلين ضابطين قاله الجبائي، وحكى المازري وغيره أنه قال لا يقبل في الأخبار التي تتعلق بالزنا إلاّ أربعة قياساً للرواية على الشهادة.
حجة المنع من جواز التعبد به، أن التكاليف تعتمد تحصيل المصالح ودفع المفاسد وذلك يقتضي أن تكون المصلحة أو المفسدة معلومة وخبر الواحد لا يفيد إلاّ الظن وهو يجوز خطؤه فيقع المكلف في الجهل والفساد وهو غير جائز وهذه الحجة باطلة إما لأنها مبنية على قاعدة الحسن والقبح ونحن نمنعها، أو لأن الظن إصابته غالبة وخطؤه نادر، ومقتضى القواعد أن لا تترك المصالح الغالبة للمفسدة النادرة، فلذلك أقام صاحب الشرع الظن مقام العلم لغلبة صوابه وندرة خطئه.
حجة المنع من الوقوع: قاله تعالى: «ولا تقف ما ليس لك به علم» (?) ، خبر