منه أن يقصد إلى إيجاد أثره غلا حالة عدمه، غير أنه لو فرضنا أن الله تعالى ما أحدث عالماً لم يكن الإرسال مستحيلاً عليه في ذاته بل لا بد من مرسل ومرسل إليه فقط فهذا مانع خارجي، وكذلك لو فرض العقل الهين أو أكثر تصور من كلّ واحد منهما الإرسال، وهذا بالنظر إلى بادئ النظر، وإن كان من المحال أن يثبت عالم مع الشركة حتى يتيسر فيه إرسال، لكن المقصود في هذا الموضع ما يتوقف عليه الإرسال في مجاري العادات.
قال القاضي عبد الوهاب: والأشبه بمذهب مالك أنه لا تجوز مخالفتهم فيما اتفقوا عليه من الحروب والآراء غير أني لا أحفظ فيه عن أصحابنا شيئاً.
وحجته: أن عموم الأدلة يقتضي أنهم معصومون مطلقاً فيحرم خلافهم.
حجة الجواز أن الأدلة إنّما دلت على عصمتهم فيها يقولونه عن الله تعالى وهذا ليس منه فلا يكون قولهم حجة.
وجوابه: أن هذا تخصيص الأصل عدمه، وأما اشتراكهم في الجهل وعدم العلم بما لم يكلفوا به فهذا هو من ضرورات المخلوقات، فلم يجب الإحاطة إلاّ لله تعالى، وأما جهلهم بما كلفوا به فذلك محال عليهم لأنه معصية تأباها العصمة.
وقال القاضي عبد الوهاب: ولا يجوز أن يجمعوا على فعل معصية في وقت أو أوقات متفرقةن لأن تفرق الأوقات لا يخرجهم عن كونهم مجمعين على معصية وكذلك الخطأ في الفتيا، واختلفوا هل يصح أن يجمعوا على خطأ في مسألتين كقول بعضهم بمذهب الخوارج، والبقية بمذهب المعتزلة، وفي الفروع مثل أن يقول البعض بأن العبد يرث والبقية بأن القاتل عمداً يرث؟! فقيل لا يجوز لأنه إجماع على الخطأ، وقيل يجوز لأن كلّ خطأ من هذين الخطأين لم يساعد عليه الفريق الآخر، فلم يوجد فيه إجماع.
تنبيه: الأحوال ثلاث: الحالة الأولى: اتفاقهم على الخطأ في مسألة واحدة كإجماعهم على أن العبد يرث فلا يجوز ذلك عليهم، الحالة الثانية: أن يخطئ كلّ فريق في مسألة أجنبية عن المسألة الأخرى فيجوز، فإنا نقطع أن كلّ مجتهد يجوز