واحتج أهل الظاهر بأن الظاهر قوله تعالى: «كنتم خير أمة أخرجت للناس» (?) وقوله تعالى: «وكذلك جعلناكم أمة وسطاً» (?) وهذه الضمائر إنّما وضعت للمشافهة ومن هو حاضر، فلا تتناول من يحدث بعض.
وجوابهم: أن النصوص تتناول الجميع مثل قوله تعالى: «ويتبع غير سبيل المؤمنين» (?) ، وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تجتمع أمتي على خطأ» ، «ولا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أرم الله تعالى وهم كذلك» ، وهذه صيغ لا تختص بعصر، فوجب التعميم.
كلّ ما يتوقف العلم بكون الإجماع حجة عليه لا يثبت بالإجماع، كوجود الصانع وقدرته وعلمه والنبوة، وما لا يتوقف عليه كحدوث العالم والواحدانية فيثبت، واختلفوا في كونه حجة في الحروب والآراء، ويجوز اشتراكهم في عدم العلم بما لم يكلفوا به.
كون الإجماع حجة فرع النبوة والنبوة فرع الربوبية، وكون الإله سبحانه وتعالى عالماً، فإن لم يعلم زيداً لا يرسله مريداً، فإن اختيار زيد دون الناس للرسالة فرع ثبوت الإرادة والحياة، لأن الحياة شرط في العلم والإرادة، فهذه شرائط في الرسالة، فلو ثبت بالإجماع الذي هو فرع الرسالة لزم الدور، وأما حدوث العالم فلا يتوقف عليه الإجماع إلاّ بالنظر البعيد من جهة أنه يلزم من قدم العالم انتفاء الإرادة، فإن القديم يستحيل أن يراد، ولأن الفاعل المختار لا يتصور