وجوابهم: أنا نمنع قاعدة الحسن والقبح، أو نسلمها ونقول لمَ لا يجوز أن يكون الفعل مفسدة في وقت مصلحة في وقت، وذلك معلوم بالعوائد؟ بل اليوم الواحد يكون الفعل فيه حسناً في أوله قبيحاً في آخره، كما نقول في الأكل والشرب وليس الفراء وشرب الماء البارد وغيره، ويحسن جميع ذلك ويقبح باعتبار وقتين من الشتاء والصيف، والحر والبرد، والصوم والفطر، والشبع والجوع، والصحة والسقم.

احتج منكروه سمعاً بوجهين: أحدهما أن الله تعالى لما شرع لموسى عليه الصلاة والسلام شرعه، فاللفظ الدال عليه إما أن يدل على الدوام أو لا، فإن دله على الدوام فإما أن يضم إليه ما يقتضي أنه سينسخه أولاً، فإن كان الأوّل فهو باطل من وجهين: الأوّل: أنه يكون متناقضاً وهو عبث ممنوع: الثاني: أن هذا اللفظ الدال على النسخ وجب أن ينقل متواتراً، إذ لو جوزنا نقل الشرع غير متواتر أو نقل صفته غير متواترة لم يحصل لنا علم بأن شرع الإسلام غير منسوخ، ولأن ذلك من الوقائع العظيمة التي يجب اشتهارها، فلا يكون نص على النسخ وحينئذ لا يكون منسوخاً؛ لأن ذكر اللفظ الدال على الدوام فهذا مطلق يكفي في العمل به مرة واحدة، وينقضي بذاته، فلا يحتاج للنسخ ويتعذر النسخ فيه.

والوجه الثاني: أنه ثبت بالتوراة قول موسى عليه الصلاة والسلام: تمكنوا بالسبت أبداً، وقال تمسكوا بالسبت ما دامت السموات والأرض، وهو متواتر والتواتر حجة.

والجواب عن الأوّل: أن نقول اتفق المسلمون على أن الله تعالى شرع لموسى شرعه بلفظ الدوام، واختلفوا هل ذكر معه ما يدل على أنه سيصير منسوخاً؟ فقال أبو الحسين يجب ذلك في الجملة وإلا كان تلبيساً. وقال جماهير أصحابنا وجماهير المعتزلة لا يجب ذلك، وقد تقدم البحث في ذلك في تأخير البيان عن وقت الحاجة.

والجواب على رأي أبي الحسين: أن ذلك القيد لم ينقل لوقوع الخلل في اليهود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015