فالتخصيص والتعارض إنّما عرض لذلك الدليل الدال على التكرار، وكذلك إقراره عليه الصلاة والسلام لبعض الأمة على الترك مع القدرة على الفعل، والعلم به لا يكون مخصصاً وناسخاً إلا للدليل الدال على تكرار ذلك الفعل.

قال الغزالي في المستصفى لا يتصور التعارض بين الأفعال بما هي أفعال البتة، لأن الفعلين لا يجتمعان في زمان واحد البتة، وإذا تعدد الزمان فلا تعارض، بخلاف الأقوال لها صيغ تتناول بها الأزمان، فيتصور فيها التعارض.

فائدة: مهما أمكن التخصيص لا يعدل عنه إلى النسخ، لأنه أقرب إلى الأصل من جهة أنه بيان المراد فليس فيه إبطال مراد، بخلاف النسخ فيه إبطال المراد.

الفصل الثالث في تأسيه عليه الصلاة والسلام

مذهب مالك وأصحابه أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن متعبداً بشرع من قبله قبل نبوته، وقيل كان متعبداً، لنا أنه لو كان كذلك لافتخرت به أهل تلك الملة وليس فليس.

هذه المسألة المختار فيها أن نقول متعبداً بكسر الباء على أنه اسم فاعل ومعناه أنه عليه الصلاة واللام كان كما قيل في سيرته عليه الصلاة والسلام ينظر إلى ما عليه الناس

فيجدهم على طريق لا يليق بصانع العالم، فكان يخرج إلى غار حراء يتحنث أي يتعبد، ويقترح أشياء لقربها من المناسب في اعتقاده. ويخشى أن لا تكون مناسبة لصانع العالم، فكان من ذلك في ألم عظيم، حتى بعثه الله تعالى وعلمه جميع طرق الهداية وأوضح له جميع مسالك الضلالة، زال عنه ذلك الثقل الذي كان يجده، وهو المراد بقوله: «ووضعنا عنك وزرك، الذي أنقض ظهرك» (?) على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015