غيره يفعل ضد ذلك الفعل، فيعلم أن هذا الفاعل لهذا الضد خارج عن حكم ذلك الفعل المتقدم، ويبقى غير هذا الذي أقره عليه الصلاة والسلام يلزمه فعل في وقت فيراه قد فعل ضد ذلك الفعل في ذلك الوقت، فيعلم نسخه عنه عليه الصلاة والسلام في ذلك الوقت وما بعده، فهذا هو معنى المسالتين الأخيرتين في هذا الفصل.
فائدة: قال الإمام فخر الدين: التخصيص والنسخ في الحقيقة ما لحق إلاّ الدليل الدال على وجوب التأسي، فإنه يتناول هذه الصورة وقد خرجت منه.
سؤال: قال العلماء من شرط الناسخ أن يكون مساوياً للمنسوخ أو أقوىن والفعل أضعف، فكيف جعلوه في هذا المقام ناسخاً مع ضعفه عن المنسوخ؟
جوابه: أن المراد بالمساواة المساواة في السند لا غير، وذلك لا يناقض كونه فعلاً،
وكذلك يجب أن يفصل في هذه المسألة فيقال القول والفعل إن كانا في زمانه عليه الصلاة والسلام وبحضرته فقد استويا، وإن نقلا إلينا تعين أن لا يقضى بالنسخ غلا بعد الاستواء في نقل كلّ واحد منهما، فإن كان أحدهما متواتراً والآخر آحاداً منعنا نسخ الآحاد للمتواتر، هذا تلخيص هذا الموضع ولا بد منه.
فائدة: قال الشيخ سيف الدين في الأحكام: إذا كان الفعل لا يتكرر بل يختص بذلك الزمان بأن يقول عقبيه أو تراخياً عنه: هذا الفعل لا يفعل بعد هذا الوقت، ثم يرد القول بعد ذلك لا يحصل تعارض البتة.
فائدة: قال الشيخ سيف الدين أيضاً: أفعاله عليه الصلاة والسلام لا يمكن وقوع التعارض بينها حتى ينسخ بعضها بعضاً أو يخصصه، فإن الفعلين إن تماثلا وكانا في وقتين كالظهر اليوم والظهر غداً فلا تعارض، وإن اختلفا وأمكن اجتماعهما كالصلاة والصوم فلا تعارض، وإن تعذر اجتماعهما لتناقض أحكامهما كما لو صام في وقت وأكل في مثل ذلك الوقت لم يتعارضا أيضاً، لأن الفعل لا عموم له حتى يدل على لزوم ذلك الفعل في جميع الأوقات فيناقضه ضده إذا وقع في تلك الأوقات الآخر، فإن دل دليل من خارج غير الفعل على أن مثل ذلك الفعل يتكرر