نسخاً، كما ينتهي الصوم بوصوله إلى غايته التي هي الليل، ولا يكون نسخاً لقوله تعالى: «ثم أتموا الصيام إلى الليل» (?) فمن ضرورة النسخ تأخير البيان عنه، لذلك وافقوا عليه، وغيره من البيانات ليس ذلك من ضروراته، وبهذا الفرق يجيبون إذا قسنا نحن تأخير غيره من البيانات عليه، وألزمناهم إياه. حجتنا في جواز تأخير البيان مطلقاً قوله تعالى: «فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن عليا بيانه» (?) وكلمة (ثم) للتراخي، فدل ذلك على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة.
وثانيها: قوله تعالى في قصة بقرة بني إسرائيل: «إنها بقرة لا فارض - إنها بقرة صفراء - إنها بقرة ذلول» (?) فتصرف إلى ما أمروا به من ذبح البقرة، وهم لم يؤمروا إلاّ ببقرة منكرة والمراد بها معينة، فيحتاج إلى البيان، ويدل على أنها كانت معينة قوله تعالى: «إنها إنها» والأصل في الضمائر أن تعود إلى الظواهر، فهذا بيان تأخَّر عن وقت الخطاب، بل عن وقت الحاجة، لأنهم كانوا محتاجين إلى ذبح البقرة ليتبين أمر القتيل، وترتفع الفتنة التي كانت بينهم، والخصومات في أمر القتيل.
وثالثها: قوله تعالى: «إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون» (?) لما نزلت قال ابن الزبعري لأخصمن اليوم محمداً، فقال يا محمد قد عبدت الملائكة وعبد المسيح، فنزل قوله تعالى: «إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون» (?) فهذا تخصيص وبيان لم يتقدم فيه بيان إجمالي ولا تفصيلي.
ورابعها: أن الله تعالى يأمر المكلفين بأمر في المستقبل، مع أن بعضهم قد يموت قبل الفعل، فذلك الشخص لم يكن مراداً بالعموم ولم يتقدم بيانه، احتج أبو الحسين بأن العموم خطاب لما في الحال، فإن لم يقصد إفهامنا في الحال فهو عبث، وإن