والاستثناء من الصفات هو باب غريب في الاستثناء، وقد بسطته هو وغيره في كتاب (الاستغناء في أحكام الاستثناء) الكتاب الكبير الموضوع في الاستثناء.
وأما الثمانية التي لا ينطبق بها ويقع الاستثناء منها: الأسباب والشروط والموانع وقد تقدم تمثيلها. الرابع المحال نحو أكرم رجلاً إلاّ زيداً وعمراً وبكراً؛ فإن كلّ شخص هو محل لأعمه. وخامسها الأحوال نحو «لتأتنني به إلاّ أن يحاط بكم» (?) أي لتأتنني به في جميع الأحوال إلاّ في حالة الإحاطة بكم، فإن أعذركم. وسادسها الأزمان نحو صل إلاّ عند الزوال. وسابها الأمكنة نحو صل إلى عند المزبلة والمجزرة ونحو ذلك. وثامنها مطلق الوجود مع قطع النظر عن الخصوصيات نحو قوله تعالى: «إن هي إلاّ أسماء سميتموها أنتم وآباءكم» (?) أي لا حقيقة للأصنام البتة إلاّ أنها لفظ مجرد؛ فاستثنى اللفظ من مطلق الوجود على سبيل المبالغة في النفي، أي لم يثبت لها وجود البتة إلاّ وجود اللفظ، ولا شيء وراءه. فهذه الثمانية لم تذكر قبل الاستثناء، وإنما تعلم بما يذكر بعد الاستثناء وهو فرد منها، فيستدل بذلك الفرد على جنسه وأن جنسه هو الكائن بعد
الاستثناء (?) وحينئذ ينبغي أن يعلم أن الاستثناء في هذه الأمور التي لم تذكر كلها استثناء متصل، لأنه من الجنس وحكم بالنقيض بعد (إلاّ) وهذان القيدان وافيان بحقيقة المتصل، وكثير من النحاة يعتقد أنه استثناء منقطع لأنه يلاحظ الفعل المتقدم قبل الاستثناء ويجد ما بعده من غير جنسه، فيقضي بانقطاعه؛ لاعتقاده أن ما بعد إلاّ مستثنى من المنطوق، وليس كما ظن، بل الاستثناء واقع من غير مذكور وهو متصل باعتبارها، وهذه الأمور مبسوطة في الكتاب الكبير الموضوع في الاستثناء. ولكل واحد منها باب يخصه بمثله من الكتاب العزيز هنالك فمن أرادها فليطالعه؛ فإنَّها فوائد غريبة وقواعد جليلة، وهي كلها من فضل الله تعالى، له المنة في جميع الأحوال، لا إله إلاّ هو الكبير المتعال.