التي لم ينطق بها، فالأول نحو لا عقوبة إلاّ بجناية والثاني نحو لا صلاة إلاّ بطهور، والثالث لا تسقط الصلاة عن المرأة إلاّ بالحيض، والرابع نحو قام القوم إلاّ زيداً، والخامس نحو قوله تعالى: «لتأتنني به إلاّ أن يحاط بكم» (?) ولما كانت الشروط لا يلزم من وجودها الوجود ولا العدم لم يلزم من الحكم بالنفي قبل الاستثناء لعدم الشرط الحكم بالوجود بعد الاستثناء لأجل وجوده فيكون مطرداً فيما عدا الشرط.
هذه الفائدة تقدم التنبيه عليها في الاستثناء من النفي إثبات، وأذيلها هنا بأن الاستثناء
يقع في عشرة أمور: منها أمران ينطق بهما، وثمانية لا ينطق بها وقع الاستثناء منها، أما اللذان ينطق بهما فهما الأحكام والصفات؛ فالأحكام نحو قام القوم إلاّ زيداً ونحوه من الأفعال والصفات نحو قول الشاعر:
قاتل ابن البتول إلاّ علياً
يريد الحسين بن فاطمة الزهراء رضي الله عنهما، والبتول معناه المنقطعة قيل عن النظير والتشبيه، وقيل عن الأزواج وهو مراد الشاعر؛ أي انقطعت عن الأزواج كلها إلاّ عن علي - رضي الله عنه -، فالاستثناء من صفتها لا منها، ومنه قوله تعالى: «وما نحن بميتين إلاّ موتتنا الأولى» (?) استثنوا من صفتهم الموتة الأولى لا من ذواتهم.
والاستثناء من الصفة يقع على ثلاثة أقسام: أحدها عن متعلقها نحو قول الشاعر المتقدم، فإن الأزواج متعلق بالتبتل. وثانيها من بعض أنواعها نحو الآية فإن الموتة الأولى أحد أنواع الموت، وثالثها يستثنى بجملتها لا يترك منها شيء كما تقدم في تقرير قولنا أنت طالق إلاّ واحدة إلاّ واحدة في الاستثناء المستغرق، وما يجوز أن يستثنى تقدم التقرير هنالك وأنه رفع الواحدة في الاستثناء المستغرق، فلزمه طلقتان، ومنه قولك مررت بالمتحرك إلاّ المتحرك، فيكون مررت بالساكن لأنك ذكرت أولاً جسماً متحركاً فهما أمران استثنيت أحدهما وهو الحركة فيتعين السكون: لأن كلّ ضدين لا ثالث لهما إذا رفعت أحدهما تعين الآخر للوقوع.